home-icon
book-img

لا تغضب

الطبعة: N- A

دار النشر: N- A

للحصول علي النسخة المطبوعه : N- A

تحميل نسخة إلكترونية: تحميل الكتاب

نبذه عن الكتاب:

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وأودع في نفسه غرائز متعددة لها وظائف محددة تضمن بقاءه وتقدّمه. وهذه الغرائز – من حب وكراهية وجوع وعطش إلى غضب وفرح – تحمل في طياتها قابلية الخير والشر على حد سواء، فإذا استُخدمت ضمن حدودها الشرعية والعملية صانت التوازن النفسي والاجتماعي، وإن تجاوزت هذه الحدود انقلبت إلى بلاء يضر الفرد والمجتمع. وقد شرع الله سبحانه رسله لهداية البشر وضبط هذه الغرائز، فساهمت الرسالة النبوية في تأطيرها بما يحقق مصلحة الإنسان ويقيه مخاطر الانزلاق إلى الفوضى الأخلاقية والسلوكية. ومن بين هذه الغرائز، تبرز غريزة الغضب لما لها من دور مهم في الدفاع عن الحرمات والحقوق، لكنها تتحول إلى نار تلتهم صاحبها والمحيطين به إذا استُخدمت للانتقام الشخصي. ومن هنا جاء كتاب «لا تغضب» ليقدم علاجًا عمليًا مستمدًا من السنة النبوية، يهدف إلى تشخيص حالات الغضب وضبطها بأقوال وأفعال النبي ﷺ، بحيث تبقى الغريزة مكنونة في النفس لا تظهر إلا في الظروف التي تقتضيها مصلحة الدين والناس، محافظًا بذلك على وحدة الصف والقوة بين المؤمنين. هذه الدراسة محاولة متكاملة لتعريف القارئ الكريم بأسباب الغضب وآثاره النفسية والعضوية، وتقديم وسائل وقائية وعلاجية قائمة على الحلم والرفق والردّ الدعوي الهادئ، آملاً أن تكون هذه الخواطر ذخيرة نافعة في الحياة اليومية، ووقاية من داء الغضب قبل وقوعه، ومداواة لمن أصابه.

تحميل نبذه عن الكتاب

عن لا تغضب

الحمد لله الحليم التواب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خير من صلى وصام وتاب وأناب، وعلى الآل والأصحاب، والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم المآب، أما بعد:

فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ثم جعل فيه نفسًا، وأودع في هذه النفس غرائز كثيرة، وجعل لهذه الغرائز وظائف ومهمات، لبقاء الإنسان وتمكنه من القيام بما يجب القيام به من الأعمال، وحكمة الله تعالى في هذه الغرائز أنه جعل لها قابلية الخير وقابلية الشر، يقول جل ذكره: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ۞ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ۞ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ۞ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ ( سورة الشمس: الآيات 7 – 10)

ثم إنه تعالى ذكره أرسل للناس بعد ذلك رسلاً يحملون إليهم رسالات، تدعوهم إلى توحيد الله واتباع منهجه الذي يتلاءم مع رغباتهم وتطلعاتهم، وتحكم الغرائز التي أودعها في نفوسهم وترسم لها حدودًا لا يتجاوزها، فكل غريزة لها حاجة معينة لأداء وظيفة محددة، فلا تسرف في حاجتها ولا تخرج عن أداء وظيفتها، فإذا تجاوزت حدودها انقلبت إلى آفة خطيرة على الإنسان نفسه وعلى المجتمع من حوله.

ومجموع هذه الغرائز الكامنة في الإنسان يشكل ما يسمى بالأخلاق الموصوف بها الإنسان، فالحب والكراهية والجوع والعطش والجنس والغضب والفرح والحزن والألم وغيرها، كلها تعبر عن أخلاق الإنسان من خلال ممارسته لها بالخير أو بالشر، فغريزة الجنس – مثلاً – لها وظيفة عظيمة في خلق الإنسان وإيجاد النسل في الحياة أولاً، ثم الاستمتاع المشروع ثانيًا، أما إذا استعملت هذه الغريزة خارج الإطار المرسوم لها فإن حياة الناس ستصبح شبيهة بحياة الأنعام والبهائم، حيث لا أسر، ولا آباء ولا أبناء، وبالتالي لا تكافل ولا ترابط، وهذا ما نجده في معظم المجتمعات الإباحية، التي لا يعرف فيها الأب ابنه ولا الأم ولدها، ولا الابن أبويه. وكذا سائر الغرائز الجبلية الأخرى، فإن أسرف الإنسان في استخدامها تحولت إلى بلاء عام.

والغضب – الذي هو موضوع بحثنا – غريزة من هذه الغرائز وله وظيفة كبيرة في الدفاع عن حرمات الله وحقوق المسلمين وديارهم، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ (التوبة: 123). ولكنه إذا تحول إلى انتقام للذات، تحول إلى نار يحرق الأخضر واليابس، فعندها تفقد هذه الغريزة هدفها، وتضل طريقها، فكان لا بد من وضع علاج لها ودواء، لتفادي آثارها الوخيمة، فجاءت السنة النبوية المباركة والتي هي المكملة لكتاب الله، شخصت غريزة الغضب وعالجتها بأفعال وأقوال، لتبقى مكنونة في النفس، لا تظهر إلا في حالات معينة، وذلك حفاظًا على الود بين المسلمين ووحدة صفهم وقوته، وحفاظًا على الإنسان ذاته من أن يؤدي به هذا الغضب إلى نتائج لا تحمد عقباها.

وهذه الدراسة التي بين يديك أخي القارئ الكريم هي محاولة لتشخيص هذه الغريزة ودراستها دراسة حديثية نبوية، لمعالجة من يصاب بهذا الداء، أو للوقاية منه قبل الإصابة، وكذا محاولة لبيان أثر هذا الغضب في نفسية الإنسان وتدخله في الأمراض العضوية، ومن ثم استيلاء هذا المرض النفسي على المصاب به، وقد لا يشعر أن هذا هو السر ومكمن الداء، وكذا أيضًا لأثر الحلم وردّ الغضب دعويًا على الداعي نفسه، وعلى المدعوين في القبول والرد، أسأل الله تعالى أن تكون هذه الخواطر نافعة للكاتب والقارئ، وأن يجعلها من المدخرات إنه سميع قريب مجيب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آل وصحبه.