


معالم التوحيد في الحج
الطبعة: N- A
دار النشر: N- AN- A
للحصول علي النسخة المطبوعه : N- A
تحميل نسخة إلكترونية: تحميل الكتاب
نبذه عن الكتاب:
يُسلّط كتاب معالم التوحيد في الحج الضوء على البعد العقدي العميق في شعيرة الحج، حيث يستعرض الحج لا كرحلة جسدية فحسب، بل كرحلة قلبية نحو تجديد التوحيد وتعظيم الله في النفس. يبيّن المؤلف أن الحج في جوهره دعوة متجددة إلى "لا إله إلا الله"، تظهر في كل قول وفعل وشعيرة، من أول لحظة ينعقد فيها نية السفر إلى بيت الله الحرام، وحتى آخر لحظة من المناسك. انطلاقًا من نصوص القرآن الكريم، يستخرج الكتاب معاني التوحيد الراسخة في تفاصيل الحج، مبيّنًا كيف أن هذه العبادة الجليلة قد شُرعت لتصفية النفس من شوائب الشرك، وتطهير القلب من كل تعلّق بغير الله. وقد جاءت هذه الرسالة لتكون تذكيرًا للحاج بمعنى الوفادة على الله، وحقيقة إعلان التلبية التي تُجدد الميثاق مع الله تعالى، وتربط العبد بتوحيده عمليًا وقلبيًا. ولتحقيق هذا الغرض، قُسم الكتاب إلى وقفات مختصرة، في كل منها إشارة إلى ملمح من معالم التوحيد في شعائر الحج، بأسلوب سهل، وتوثيق علمي، بعيد عن الإطالة المملة أو الاختزال المخل، ليخرج القارئ منها بفهم أعمق للحج، ولرسالة التوحيد التي بُني عليها هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
تحميل نبذه عن الكتابعن معالم التوحيد في الحج
الحمد لله الذي فرض الحج إلى بيته الحرام، أحمده وأشكره على نعمه وآلائه العظام، وأصلي وأسلم على أفضل من صلّى وزكى وحجّ وصام، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم، واتبع نهجهم إلى يوم يبعث الأنام، أما بعد:
فإن من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة المحمدية أن جعل التكاليف الشرعية منطلقة من منطلقات يقينية ثابتة، ومتوجهة إلى تحقيق أهداف محددة واضحة، ومن هذه التكاليف العظيمة الحج إلى بيت الله الحرام، تلك العبادة الفردية في أدائها، الجماعية في مظهرها ومكانها وزمانها، ومهما كتب الكاتبون، وتحدث المتحدثون عن هذه الشعيرة الجليلة التي يظهر من خلالها عظمة هذا الدين فلن يوفوها حقها، ولذا تعددت الكتابات وتنوعت، من مُظهرٍ أحكامَ هذه الشعيرة ومُرَكِّزٍ عليها، إلى مستطرد في منافع الحج الدنيوية والأخروية وباسط فيها، ومن مبيِّن فضلها وآثارها إلى موضِّح تاريخها وعلاقتها بالبيت الحرام، إلى غير ذلك من الكتابات النفيسة العظيمة، غير أني لم أجد من أفرد بالكتابة علاقة هذا الحج العظيم بتوحيد الله سبحانه وتعالى، ودلالة هذا الحج عليه ومؤداه إليه، وعند تأملي لآيات الحج وجدت أن هناك رابطًا عظيمًا بين التوحيد ونفي الشرك وبين الحج، مثل قوله تعالى:
﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26]،
وقوله تعالى:
﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]،
فدعاني هذا إلى مزيد التأمل والنظر؛ حتى وصلت إلى قناعة تامة بأن الحج إلى بيت الله الحرام بجميع أقواله وأعماله وشعائره ـ كأي عبادة أخرى ـ تنطلق من «لا إله إلا الله» لتحقق تعميق «لا إله إلا الله» في النفوس بجلاء ووضوح، ابتداء من إقامة بيت الله الحرام وبناء الكعبة المشرفة، ثم تشريع الحج إلى هذا البيت العظيم، وهكذا في كل أقوال الحج وأعماله.
فجاءت هذه الكلمات موضحة هذا المعنى الكبير، فلعل الحاج الكريم وقد وفد إلى هذا البيت العظيم، باذلًا جهده وماله، تاركًا أهله ودياره، متحملًا المشاق والتعب، مستجيبًا لنداء ربه ومولاه، طامعًا في رجائه، خائفًا من عذابه، أقول: لعله أن يجدد علاقته بربه وهو يؤدي هذه العبادة، ويعمق ثقته فيه، ويزيد في توحيده وهو يعلن: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» ويردد بصوت عال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» متأملًا فيما يردده ويقوله ويعلي صوته فيه.
فهذه الكلمات مذكرة بهذا المعنى، فأدعو كل مسلم بعامة، وكل حاج بخاصة، لتأمل هذه الشعيرة العظيمة ليخرج بهذه الثمار اليانعة.
ولمزيد من التوضيح فقد جعلتها في وقفات، كل وقفة تظهر معنى من المعاني في الحج ودلالته على توحيد الله تعالى، متوخيًا عدم الإطالة، مع شيء من التوضيح والبيان، مستدلًا لما يحتاج إلى استدلال، أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال، وأن يتقبل من الحجاج حجهم، وأن يعود الجميع بحج مقبول وسعي مشكور وذنب مغفور، وأن يجعل هذه الكلمات من المدخرات في الحياة وبعد الممات إنه سميع قريب مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين.