

قواعد منهجية في الدعوة إلى الله 2
الطبعة: N- A
دار النشر: N- A
للحصول علي النسخة المطبوعه : N- A
تحميل نسخة إلكترونية: تحميل الكتاب
نبذه عن الكتاب:
ينطلق هذا الكتاب من حقيقة أن نبينا محمدًا ﷺ هو القدوة الأسوة في كل شيء، فتلقّت أمته رسالة الدعوة على يديه وحملت منهجها العظيم للناس عامة. يُبيّن المؤلّف في مستهله كيف وضع الله سبحانه رسوله ﷺ “سراجًا منيرًا” وبلغ الرسالة وأدّى الأمانة، مما رسم للصحابة ومن تبعهم خُطى دعوية رصينة فأنشؤوا مصنّفات مستقلة وقصصًا وتجارب أثر richة. وبناءً على ذلك، يرى المؤلّف أهمية استلهام هذه التجارب وإحياء مقاصد الدعوة الإسلامية على ضوء الكتاب والسنة، ليرسخ لدى الدعاة وضوح الرؤية وسلامة الطريق والطمأنينة في مواجهة مستجدات الزمن وقضاياه المتجددة. ومردّ ذلك إلى أن الدعوة الإسلامية، بحكم استمرارها عبر العصور، تحتاج إلى ضوابطٍ منهجية تجمع بين الوضوح والمرونة، وتتيح للداعية إطارًا عمليًا يتجنّب فيه التطرف والتفريط. ومن هنا جاءت فكرة “قواعد منهجية” جمَعَ فيها المؤلّف ما تشتّت من القواعد الدعوية في كتب وتطبيقات متفرقة لينظّمها ضمن مبادئ أساسية، يشرحها اختصارًا في صورة قواعد: بيان مجمل لكل قاعدة، وتأصيلها الشرعي، وربطها بسيرة النبي ﷺ وتطبيقاتها التاريخية، مع أمثلة واقعية وبيان لآثار العمل بها وتركها. وقد حرص في ذلك على الصدق مع النفس العلمية بالاعتماد على الاستقراء والمراجعة والنقد الإيجابي، مع إبقاء المجال رحبًا للرأي والزيادة والنقصان، سعياً إلى بناء دعوة متكاملة تتميّز بالاتزان والفاعلية.
تحميل نبذه عن الكتابعن قواعد منهجية في الدعوة إلى الله 2
الجزء الثاني
الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن نبينا محمدًا ﷺ القدوة والأسوة في الأمور كلها، كما قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]. وقال سبحانه عن خُلُق نبيه ﷺ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].
وقد بعثه الله سبحانه وتعالى بشيرًا ونذيرًا، وهاديًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، ومبلغًا عن ربه سبحانه، فبلغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فكان على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فكانت مهمته عليه الصلاة والسلام البلاغ عن ربه ليقوم الناس بعبادته، قال تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [الشورى: 48]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ﴾ [المدثر: 1-2]، وقال: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]. وهكذا تتوالى الآيات في إيضاح المهمة والهدف.
وبهذا رسم رسول الله ﷺ لأمته المنهاج العظيم في الدعوة ليقتفوا أثره، ويسلكوا خطاه، وينتهجوا نهجه. فاجتهد الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم حتى ألّفوا في ذلك مؤلفات مستقلة، وكتبوا كتابات مستفيضة، بالإضافة إلى خبراتهم وتجاربهم، فجزاهم الله خيرًا على ما قدموا وسطروا للإسلام والمسلمين.
ومن المعلوم أن الدعوة الإسلامية مستمرة استمرار الزمن، ولها مستجداتها وقضاياها المتنوعة، ونوازلها المتكررة، مما يوجب على أهل العلم والدعوة أن يجتهدوا في البيان والتوضيح.
ولقد استقرأت كثيرًا من المناهج والأعمال الدعوية، فوجدت فيها خيرًا كثيرًا يشكرون عليه، ويدعى لهم بالتوفيق والتسديد، والأجر والثواب، كما وجدت بعض مواضع الاجتهاد – قولًا وعملًا – ما يستوجب إبداء الرأي والنصح والبيان، وبخاصة في هذا الوقت الذي نشطت فيه الدعوة كما نشط مخالفوها.
ولقد رأيت أن من أهم ما يجب بيانه هو جمع ما تناثر من المسائل وتسطيرها على شكل قواعد لتكوّن منطلقات يستوعبها الداعية وطالب العلم، فتكون ضابطًا لكثير من التصرفات، فجمعت ما تيسر، وحاولت جمع المتماثل أو المتقارب ليجتمع في قاعدة، فكان ما ظهر من هذه القواعد، وهو (بلا شك اجتهاد) أرجو أن يكون راجحه أكثر من مرجوحه، وهو قابل للرأي والزيادة والنقصان، ويبقى أنه اجتهاد بذل الجهد فيه بين التأمل والمراجعة والمناقشة مع البحث العلمي، كما اجتهدت في محاولة التأصيل الشرعي لهذه القواعد مع مراعاة عدم التطويل والإسهاب مكتفيًا بما يوضح المراد، وبالله التوفيق ومن يستمد التسديد.
هدف البحث :
يجتمع هدف البحث في ما يلي:
1 – توضيح منطلقات أساسية، وضوابط للعمل الدعوي سواء كان من قبل مؤسسات أو أفراد.
2 – بناء منهج متكامل للدعوة يجمع بين وضوح الرؤية وسلامة الطريق والطمأنينة.
3 – معالجة ما يطرأ من مشكلات في مسيرة الدعوة ومواقفها.
منهجية البحث:
تجتمع منهجية البحث فيما يلي:
1 – تمهيد للبحث في مفهوم الدعوة وفضلها ووظيفتها ومقوماتها.
2 – تقسيم البحث إلى قواعد ليسهل تصورها. تضم كل قاعدة ما يلي:
أ – بيانًا مجملًا للقاعدة.
ب – تأصيلها الشرعي.
ج – محاولة التنزيل على الواقع التاريخي لدعوة النبي ﷺ، والربط المباشر لكل قاعدة في دعوته، والاستدلال على ذلك.
د – إيراد بعض الأمثلة من الواقع.
هـ – التفصيل فيما تتطلبه القاعدة المرادة للعمل الواقعي.
و – الآثار الإيجابية للعمل بالقاعدة والسلبية عند تركها.
ز – خلاصة القاعدة بشيء من التفصيل.
3 – الاستدلال بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة مع العزو والتخريج وبيان الحكم على الحديث في ضوء منهجية البحث العلمي.
4 – حاولت الاستفادة من أقوال الأئمة من السلف فيما يعضد القاعدة.
5 – لخصتُ البحث بمعالم منهجية تستقى من هذه القواعد لبناء دعوة متكاملة وذلك في خاتمة البحث.
6 – استفدتُ من كتابات بعض المعاصرين بالنقد الإيجابي والمناقشة لبعض المسائل والقضايا.
7 – ركزتُ على جوانب أرى أنها من موجبات هذا البحث، وهي الوضوح في طرح الأفكار، والتفصيل في بعض الخطوات، والنقد الإيجابي لما طرحته بعض الدعوات، أو للمواقف المعاصرة، أو الأساليب التي ينتهجها بعض الدعاة. ونحو ذلك.
وهنا أشير إلى ملحظ قد يراه القارئ الكريم وهو ذكر شيء من التكرار لبعض الأدلة أو الأمثلة لمقتضى المقام، وكذا التداخل بين بعض القواعد والأفكار.
وأما خطة البحث، فهي:
المقدمة، وفيها: سبب البحث وأهدافه ومنهجيته وخطته.
والتمهيد: ويتضمن القواعد، وهي:
القاعدة الأولى: المقاصد والنيات.
القاعدة الثانية: وضوح الرؤية والهدف.
القاعدة الثالثة: الغايات والوسائل.
القاعدة الرابعة: الموازنة بين العلم والعبادة والعمل.
القاعدة الخامسة: فقه المصالح والمفاسد.
القاعدة السادسة: البناء والمعالجة.
القاعدة السابعة: التغيير والإصلاح.
القاعدة الثامنة: العقل والعاطفة.
القاعدة التاسعة: المثالية والواقعية.
القاعدة العاشرة: العناية بالكل أو الجزء.
القاعدة الحادية عشرة: الائتلاف والاختلاف.
القاعدة الثانية عشرة: الموازنة بين الترغيب والترهيب.
القاعدة الثالثة عشرة: التفاؤل واليأس.
القاعدة الرابعة عشرة: التدرج وعدم الاستعجال.
والخاتمة.
وأخيرًا، فهذه محاولة، آمل أن تكون مفيدة لكاتبها وقارئها، لا أزعم أني بلغت فيها شأنًا لم يُبلغ، ولكنه اجتهاد أملاه الأمانة، والمسؤولية، قام على الاستقراء للواقع، والنظر في الأدلة الشرعية، والاعتماد على سيرة النبي ﷺ، فما كان فيه من صواب فهو المؤمل، وأسأل الله تعالى الثواب عليه، وما كان فيه من خطأ، أو عدم رجحان فأسأل الله العفو والصفح، إنه سميع قريب مجيب.
ثم آمل من القارئ الكريم التصويب والتسديد، فهذا البحث اعتمد على الاستقراء كثيرًا، فجزى الله خيرًا من سدد وصوّب، وأعان بزيادة فكرة، أو تعديل أخرى، أو مزيد أمثلة، ونحو ذلك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.