home-icon
book-img

ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان

الطبعة: N- A

دار النشر: N- A

للحصول علي النسخة المطبوعه : N- A

تحميل نسخة إلكترونية: تحميل الكتاب

نبذه عن الكتاب:

هذا الكتاب «ثلاثٌ من كان فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» ينبع من مقدمة أكدت أن الخلق كلّه – جنّاً وإنساً – وُجد لعبادة الله وحده، فالإخلاص في العبادة هو عنوان السعادة الأبدية والنجاة من النار، كما بيّنت الآيات القرآنية أن قبول العمل مرتبط برسوخ الإيمان في القلب. ومن هذا المنطلق يؤكّد المؤلف أن الإيمان ليس كلمة تُقال فقط، ولا عملاً يُكتفى به، بل هو اعتقاد راسخ في القلب، يترجمه اللسان بالأقوال، والجوارح بالأعمال الصالحة، وينبني على أصوله الخمس: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، كما ورد في القرآن والسنة ولقاء جبريل عليه السلام. ثم ينتقل الكتاب إلى صلب الموضوع: عرض حديثٍ نبويٍّ كريمٍ يناقش مقتضيات الإيمان وأثره على سلوك المسلم، مستخلصاً منه الأحكام والقيم والدروس العملية لكل طالبٍ للارتقاء بإيمانه وتكفير سيئاته. يعمد المؤلف إلى تقديم دراسة متوازنة، تجمع بين الإيجاز والبيان، فتشير إلى المعاني العميقة دون إطناب ولا إفراط، مبتعداً عن غلوّ الغالين وتفريط المفرطين، معتمداً في ذلك على منهج السلف الصالح وفهمهم للكتاب والسنة. ويختتم بعبارة خالصة يرفع فيها هذا العمل إلى الله تعالى، سائلاً أن يكون ذخراً للعلم والعمل، وأن ينفع به كل باحثٍ عن حلاوة الإيمان.

تحميل نبذه عن الكتاب

عن ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله تبارك وتعالى خلق الثقلين – الجن والإنس- لهدف عظيم، وغاية سامية وهي عبادته وحده سبحانه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56].

فمن قام بعبادة الله حق القيام فله الدرجات العلى في الجنة، ومن تكاسل بها فله الويل كل الويل، يلقى في الدركات السفلى من النار، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ۞ وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ ۞ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّىٰ﴾ [طه:74 – 76].

وقال في موضع آخر: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ۞ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ۞ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: 106 – 108].

ويشترط لقبول هذه العبادة: أن تكون نابعة من الإيمان بالله تعالى، فمن لم يؤمن به لا تقبل أعماله، كما قال تعالى عن الكافرين: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ۞ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ۞ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ۞ ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا﴾ [الكهف: 103- 106].

وهذا الإيمان بالله يتضمن: الإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره منه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة:177].

وقال أيضًا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء:136].

وجاء في حديث جبريل -عليه السلام- أنه لما سأل النبي ﷺ عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» الحديث (صحيح البخاري)

كما يتضمن: كل ما جاء في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة من أصول الدين، وأموره , وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله غ بالطاعة والتحكيم والاتباع.

ومن عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، كما قال تعالى: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا﴾ [مريم:76]. وقال أيضًا: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران:173].

والإيمان قول وعمل واعتقاد؛ أي قول باللسان، وعمل بالأركان والجوارح، واعتقاد بالقلب. 

فإذا اكتملت هذه الشروط الثلاثة فهو المؤمن حقًا، وإذا أخل شرط منها فلا يقبل إيمانه، فعلى المرء المسلم أن يتمسك بهذه الشروط الثلاثة، ويجتهد في الأعمال الصالحة، لكي يزداد إيمانًا.

وبين أيدينا حديث نبوي رائع، يهتم بجانب الإيمان ومقتضياته، وأثره على السلوك الإنساني؛ وفيما يلي من الصفحات نعيش في رحاب هذا الحديث الشريف فهماً، ودراسة، واستنباطاً للأحكام القيمة، والدروس النافعة لكل مسلم، ولكل مستقيم على هذا الدين، ولكل من يريد رفعة درجاته وتكفير سيئاته، ولكل داعية يريد سلوك صراط الله تعالى.

وتأتي هذه الأهمية العظيمة في مثل هذه الأوقات التي اختلطت فيها المفاهيم بين غلو وتقصير، وإفراط وتفريط، ومزج للمصطلحات، وعدم تمييز بينها، وإعمال بعضها في موضع الآخر، وإهمال لكثير منها، فطبق الإسلام منقوصًا، وحدث عدم التوازن، وحُمِّل ما لا يحتمل، فجُرَّت الويلات على الإسلام وأهله، فوجب البيان مستندًا لحديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.

وقد توخيت في هذا البيان محاولة التوسط بين الإيجاز والإطناب، مذكراً للعالم، ومعلماً للمتعلم، ومنبهاً للغافل، فيه الإشارة تغني عن صريح العبارة، والإيجاز عن الإطناب.

أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، ويزيدنا هدى، وتقى، وعلماً نافعاً، وعملاً صالحاً، وأن يجعل هذا العمل من المدخرات، وأن يعفو عن الزلل والتقصير، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.