
الخطبة الأولى
الحمد لله القوي المتين، الملك الحق المبين، أحمده سبحانه، وأشكره حمد الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وناصر المتوكلين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد الأولين والآخرين، وخير المتوكلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
عباد الله! اتقوا الله، وتوكلوا عليه، ومن توكل على الله، فهو حسبه.
أيها المسلمون! أمر عقدي جلل، ومسألة عظيمة، تساهل فيها أقوام فضلّوا، واستسلموا للشياطين، وصاروا نهبًا للحيرة والتيه، وحادوا عن الطريق المستقيم، فانتكسوا، وتمسك به عبادُ الله المؤمنون، فأيدهم، ونصرهم، ورزقهم، وآواهم، وحفظهم، وأنزل عليهم السَّكينة، والطمأنينة، والراحة النفسية، هذه القضية المهمة التي أمرنا الله أن نتذكرها في كل ركعة من ركعات صلاتنا هي الاستعانة بالله، والتوكل عليه: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [الفاتحة: 5] والتي لا يجوز صرفها، ولا صرف شيء منها لغير الله تعالى. لذلك قال بعض أهل العلم: «التوكل في الدين بمنزلة الرأس من الجسد» فالذي ليس عنده توكل ليس عنده دين، كالجسد الذي ليس له رأس، ومعلوم أن الجسد إذا فَقَد الرأس، فَقَد الحياة، فكذلك الدين إذا فَقَد التوكل، فَقَد الصحة، فلا يكون دينًا صحيحًا.
أيها المسلمون! التوكل على الله هو الاعتماد عليه، وتقوية الثقة به، واليقين بأنه حسب الإنسان وكافيه، يوقن العبد أن الأمور كلها بيد الله تعالى، فلا معين إلا هو، ولا مغيث إلا هو، وهو خالق الخلق كلهم، ومدبر شؤونهم، والعالِم بأحوالهم، فالمتوكل على الله هو الذي يعتمد عليه، ويثق به، ويلجأ إليه، ويطمئن بموعوده.
ولعظم هذه المسألة في عقيدة المسلم أُمِر المسلمُ أن يتذكّرها، وأن يستصحبها في جميع أحواله وشؤونه، فجاءت التوجيهات العامة والخاصة بهذا الأمر الجلل، قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23] وقال تعالى، عن موسى عَلَيْهِ السَّلَام: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84] وقال عن نوح عَلَيْهِ السَّلَام: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ﴾ [يونس: 71] وقال، عن هود عَلَيْهِ السَّلَام: ﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [هود: 56] وقال، عن شعيب عَلَيْهِ السَّلَام: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود : 88] وقال الله تعالى لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام: ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ [النمل: 79] وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64] وقال، عن الصالحين من عباده: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ۞ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: 173 – 174].
وقال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4] وقال: ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [إبراهيم: 12].
وقال ﷺ: «اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك- لا إله إلا أنت- أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون».
أيها المسلمون: التوكل عبادة جليلة، بل من أعظم العبادات القلبية التي يجب إخلاصها وتعاهدها، ولها آثار عظيمة محمودة تعود على الفرد المتوكل على الله في نفسه، وعلى المجتمع الذي أخلص توكله على ربه.
فالتوكل على الله تعالى يورث صاحبه قوة وشجاعة قلبية، وثباتًا واطمئنانًا، وقوة تهون أمامها كل قوة، وثباتًا راسخًا أرسى من الجبال الرواسي على الأرض، فهذا خليل الله إبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام عندما ألقي في النار لم يزد على أن قال: ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173] فقال الله تعالى للنار: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69].
وروى البخاري والنسائي وغيرهما، عن ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام حين ألقي في النار، وقالها محمد ﷺ حين قالوا: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].
ومن آثار التوكل العظيمة، وثماره الجليلة أنه يورث صاحبه رزقًا واسعًا، وخيرًا عميمًا، وفضلًا كبيرًا، قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍۢ وَأَشْهِدُوا۟ ذَوَىْ عَدْلٍۢ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا۟ ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًۭا ۞ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِۦ ۚ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍۢ قَدْرًۭا ٣﴾ [الطلاق: 2، 3].
وصح عن النبي ﷺ أنه قال: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا» فليبشر المتوكلون على الله برزق الله تعالى، وفضله، وإحسانه، فإذا كان هذا الرزق في الطير، فما بالكم بالإنسان المفضل على سائر المخلوقات؟
ومن آثار التوكل: أنه سبيل لقطع الوساوس الشيطانية والهواجس المخيفة، والإرجاف في طلب المعاش خشية الفقر، والتعلق بالأوهام والخزعبلات حال المصائب والأمراض، والشيطان يحرص أن يدخل على الناس من هذه المداخل؛ لكي يزعزع إيمانهم ويضعف يقينهم، ويخلخل عقيدتهم، وينزع منهم الثقة بربهم، فالمتوكل على الله تعالى يحتقر هذه الوساوس والخزعبلات.
ومن آثاره أيضًا: أنه سبيل السعادة والراحة النفسية؛ فأسعد الناس في هذه الحياة المتوكلون على الله حق توكله؛ إذ إنهم يعلمون أن الحياة السعيدة ليست بكثرة المال والعرض، أو الجاه والمنصب، أو غيرها من الأمور الدنيوية ما لم يعمر هذه الأشياء، ويوجهها إيمان راسخ، وتوكل عميق، وثقة بالله كبيرة، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍۢ وَأَشْهِدُوا۟ ذَوَىْ عَدْلٍۢ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا۟ ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًۭا ۞ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِۦ ۚ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍۢ قَدْرًۭا ﴾ [الطلاق: 2، 3].
فاتقوا الله عباد الله وقوّوا توكُّلَكُم على الله، واعتمادَكم عليه، واستعينوا به في سرّائكم وضرّائكم تفلحوا في دنياكم وأخراكم، نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وسنة نبيه، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
أيها المسلمون! إن من تمام عقيدة المسلم تجاه التوكل أن يعلم أن التوكل لا يعني ترك الأسباب المشروعة المأمور بها، جاء رجل إلى النبي ﷺ ودخل المسجد ليصلي، فقال لرسول الله ﷺ: أعقل دابتي، أو أتوكل على الله؟ فأجابه عليه الصلاة والسلام: «اعقلها وتوكل»، قال أحد العلماء: قال العارفون: التوكل بدون القيام بالأسباب المأمور بها عجز محض، وإن كان مشوبًا بنوع من التوكل، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزًا، ولا عجزه توكلًا، بل يجعل توكله من جملة الأسباب التي لا يتم المقصود إلا بها كلها، كما ذكر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله ، وهذا معروف في أمور الحياة العامة، فلا نسل بدون زواج، ولا ثمرة بدون زرع، ولا رزق بدون عمل، فمن نفى الأسباب والمسببات، فتوكله مدخول، وادعاؤه له مزعوم، فعمل الأسباب عبودية لله، واستجابة له حيث أقامنا بعالم الأسباب، ومن الأسباب الدعاء، ومن الأسباب التلبس بالأعمال الصالحة، فللجنة أسباب، فلا تبلغ إلا بالأعمال الصالحة، فالله قادر على إسقاط الرطب الجنية على السيدة مريم دون أن يقول لها: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ [مريم: 25]، والله قادر على جعل كفار قريش عميًا دون أن يأمر نبيه محمدًا ﷺ برمي التراب قال سبحانه: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ﴾ [الأنفال: 17]. إذًا لا بد من فعل الأسباب ومباشرتها حتى تتحصل مسبباتها، غير أن هذه الأسباب قد تتخلف عن وظيفتها التي وضعت لها، فقد تحصل، ولا تؤثر شيئًا، كما حصل لإبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام حين أُلقي في النار، فكانت بردًا وسلامًا عليه ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].
قال ابن القيم رحمه الله : «فالأسباب محل حكمة الله وأمره ودينه، والتوكل متعلق بربوبيته، وقضائه وقدره، فلا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكل، ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية».
فالمسلم مطالب بأن يحقق التوكل على الله، ويبذل الأسباب، ولكن لا يتكل عليها، فالنتائج بيد الله سبحانه.
وعمر رضي اللَّهُ عَنْهُ يقول: «لقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة» ينكر على جماعة جلسوا للعبادة، وصاروا عالة على غيرهم، فصار يضربهم بالدِّرَّة، ويأمرهم بطلب الرزق.
أيها المسلمون! في الحياة تقلبات، وأحداث وأحوال، وأفراح وأتراح، وشدة وضيق، وفي التعامل مع هذه الأحوال يحصل هفوات وزلات، فتجد فئامًا من المسلمين يجري على لسانهم الخوف من المستقبل، والتشاؤم فيه، كأن الأمور بيد البشر. وفئام أخرى تعلقوا بالسحرة والكهان والمشعوذين، وطلب شفاء أمراضهم منهم، وتصديق أخبارهم وإرجافاتهم وخزعبلاتهم، وكذا الشعور الدائم بالقلق من أمور الدنيا، وعدم الثقة بالله وبموعوده، ومن ذلكم الطمع والجشع المؤديان إلى الشح والبخل، والخوف على الرزق، وعدم صرفه بمصارفه الشرعية، ومثل ذلك التعلق بالطبيب المعالج، واعتقاد أن الشفاء عنده أو بأدويته، أو التداوي بالأدوية المحرمة، أو الخوف على رزق الأولاد ومستقبلهم، ومن ذلكم النفاق، والمجاملة المذمومة مع الآخرين لطلب ما عندهم دون الله سبحانه، فضلًا عن طلب شفاعتهم فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وكذا طلب الرزق من الطرق غير المشروعة، والتفكير السلبي المتشائم من المستقبل، وكذا الاستجابة لوساوس الشياطين وأوهامهم.
أيها المسلمون! كل هذه المظاهر ونحوها مردّها ضعف التوكّل على الله تعالى، وقلة اليقين بالله سبحانه وتعالى، وعدم إحسان الظن به جلّ وعلا، وقد قال النبي ﷺ: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا».
دع المقادير تجري في أعنتَّها ولا تبيتَنَّ إلا خالي البـالِ
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغـير الله من حالٍ إلى حالِ
فاتقوا الله، عباد الله! وراجعوا أنفسكم، وصححوا أخطاءكم، وعالجوا نقاط الضعف فيكم، وقوّوا توكلكم على ربكم، فالأمر جدّ خطير وعظيم، وصلّوا وسلّموا على الرسول الأمين، صفيِّ رب العالمين، وآله وصحبه أجمعين، ومن تبع هداهم إلى يوم الدين كما أمركم الله جل وعلا بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: 56].

الإيمانُ باليومِ الآخِرِ (2) البعثُ والنُّشورُ والعَرْضُ والحِسَابُ والصِّراطُ
الخطبة الأولى الحمد لله دلَّ على وحدانيته، وألوهيته بالبراهين، والحجج، أحمده، سبحانه، وأشكره، وأسأله المزيد من فضله، بيده مفاتيح الفرج،...

الوقت والإجازة الصيفية
الخطبة الأولى الحمد لله الواحد القهار، يكور النهار على الليل، ويكور الليل على النهار، وسخر الشمس والقمر، كل يجري إلى...

شكر الله على نزول الأمطار
الخطبة الأولى الحمد لله الذي وعد الشاكرين بالمزيد، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، أحمده سبحانه وأشكره، وهو الولي الحميد...

حقوق الزوجين(1)
الخطبة الأولى الحمد لله رب العالمين، خلق الماء بشرًا، فجعله نسبًا وصهرًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا...

من نواقض الإيمان: النفاق
الخطبة الأولى الحمد لله شرح صدور عباده المؤمنين لطاعته، وأعانهم على ذكره، وشكره، وحسن عبادته، وحذر من الالتواء، والنفاق في...