home-icon
فاستبقوا الخيرات

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أمر بفعل الطاعات، وترك السيئات، وحث عباده على اغتنام الأوقات، والمواسم الفاضلات بالاستباق إلى الخيرات، والمنافسة في الصالحات، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يغفر الزلات، ويمحو الخطايا ويكفر السيئات ويضاعف الحسنات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أفضل الداعين إلى الخيرات، وأشرف السابقين للصالحات، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يبعث البريات.

أما بعد: اتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله تزكو الأعمال، وتنمو الأموال، وتنال الدرجات، وتعلو المقامات.

أيها المسلمون!

خلق الله تعالى الإنسان، ومنحه إمكانات عظيمة، يقوم بها في معاشه في هذه الحياة، وفضّله بها على سائر المخلوقات، منحه الله العقل الذي يفكر فيه، ويميز فيه بين الخير والشر، ودلّه على ما ينفعه في الدنيا والآخرة، ومنحه الجسم المتمتع بحواس كثيرة، يتحرك فيه ليقوم بأمور حياته، ومنحه الله سبحانه الشعور والإحساس الذي به تتحرك عواطفه لتكتمل شخصيته، وتتوازن مقومات حياته، وكل هذا، ولا شك، من نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان، ولذا امتد الناس في معاشهم وحياتهم، وصاروا يتنافسون ويتسابقون باستغلال هذه الإمكانات والنعم الممنوحة لهم، وصارت الحياة ميدانًا لهذا التسابق، بأنواع المنافسات والمسابقات، فمن رابح فيها وخاسر، فكلما قلبت طرفك في مشارق الأرض ومغاربها وجدت أحوال الناس كذلك، فهناك فئام من الناس همهم المال، ركزوا جهودهم في جمعه وتصريفه، واجتهدوا في ذلك مستخدمين أنواع الأساليب وشتى الطرق، متبارين من هو أكثر جمعًا، ويختلف هؤلاء باستغلال هذا المال وتصريفه وفي النظرة إليه.

وهناك فئام من الناس همهم ما يجدُّ ويخترع في دنيا الناس، فما استحدث آلة ونحوها إلا والتفكير أسبق إلى ما بعدها، أيهم أكثر تسهيلًا وأقل جهدًا.

وهناك فئام أخرى وجهوا همهم وإمكاناتهم إلى رضاء رغباتهم، وإشباع شهواتهم، كل بحسبه وجهده، وبما يرغب ويهوى مستغلًا ما استطاع من نعم الله سبحانه وتعالى.

وحدث ولا حرج عن فئام أخرى، ميدانهم العلم بأنواعه وشعبه واختلاف تخصصاته، فالتباري فيه على قدم وساق، أيها الذي ينفع ويفيد، ويقدم للأمة ما يفيدها في دينها ودنياها.

ومن الناس من استغل إمكاناته الجسيمة والبدنية فتوجهت إلى ميادين مناسبة لهذه الإمكانات حتى على مستوى الأمم بأكملها، ولها مشجعون ومتابعون.

أيها المسلمون!

هذه الميادين وغيرها كثير، ما مكانها وقيمتها في شرع الله سبحانه وتعالى؟ أيقف الإسلام معارضًا لها أم موافقًا، أم موجهًا ومرشدًا لطرق ووسائل دون أخرى؟!

لا شك – عباد الله – إن ديننا دين الخير والصلاح، دين السعادة والرخاء، دين يسعى لكل مجال خير، ولكل مجال فيه سعادة لإصلاح الفرد والمجتمع، فأقر مبدأ المنافسة، وشجع على استغلال إمكانات الإنسان، وحث على اجتماعها لنفع الأمة بأكملها، ووجه إلى ما ينبغي فعله، والتركيز عليه، وبذل الجهود فيه، واتجاه التفكير نحوه، فجعل الآخرة الهدف الأسمى الذي يسعى إليه الإنسان، ويوجه كل إمكاناته نحوه.. وجعل كل ما يعمل الإنسان في هذه الدنيا بما يتناسب مع وصوله إلى الآخرة وصولًا سليمًا، فلا يطلق لغرائز الإنسان وشهواته ورغباته العنان فلا يوجهها، ولم يتركها أيضًا ويقف في وجهها، فأرشد الطريق وعبده بما لا يتعارض مع فطرة الإنسان ورغباته.

فهذا المال مثلًا أقر الإسلام ملكيته للإنسان وجمعه وتصريفه، لكن وجهه إلى الطرق المناسبة، فأحل له وسائل لجمعه وحرّم أخرى، وكذا في إنفاقه وتصريفه، ثم لا مانع بالمباراة في جمعه والمنافسة فيه في ضوء هذه القاعدة الشرعية العظيمة، ولذا جاءت النصوص العظيمة من القرآن والسنة بالحث على التنافس في الخير إجمالًا وتفصيلًا في كل مجالاته بأساليب وصيغ متعددة، ففي الأمر العام يقول سبحانه: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]،ويقول سبحانه: ﴿ سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ ﴾ [الحديد: 21] وفي التشجيع على العمل الصالح والمسابقة فيه تأتي الآيات تلو الآيات في ذلك، يقول سبحانه مبينًا الثواب الجزيل لمن عمل صالحًا:﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ ﴾ [البقرة: 62] ويقول سبحانه مبينًا السعادة العظيمة للمتسابقين في الصالحات: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ۞ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ۞ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾ [الروم : 14-16]. ويقول سبحانه موضحًا نتيجة هذا التنافس الذي يحصل في الدنيا: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ ۞ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ۞ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمْ فِى جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 101-103].

وهكذا بيّن الرسول ﷺ في أحاديث عديدة، عملية وقولية، حاثًّا على المنافسة على الخير، مربيًا أصحابه وأمته على ذلك، فقد روى مسلم رضي الله عنه أن الرسول ﷺ قال:
«بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» (291). وروى الترمذي بإسناد حسن أن النبي ﷺ قال: «بادروا بالأعمال سبعًا: هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا، أو غنى مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر» .وقال ﷺ فيما رواه مسلم وغيره مشجعًا على التنافس: «من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء».

أيها المسلمون!

إن المسابقة إلى الخيرات، والمنافسة في الصالحات صفة المؤمنين الذين قال الله عنهم:
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ۞ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَـٰتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ۞ وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ۞ وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ۞ أُو۟لَـٰٓئِكَ يُسَـٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَهُمْ لَهَا سَـٰبِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57-61].

وقد تمثل صحابة رسول الله ﷺ هذه المنافسة في ميادين متعددة في الجهاد تارة وفي بذل المال والصدقات أخرى، وفي الدعوة والأمر بالمعروف ونشر الخير بين الناس، وفي تعلم العلم وتعليمه، وفي طاعة الله ورسوله وغيرها من الميادين الفسيحة.ولعل من أبسط الأمثلة على ذلك أولئك الفقراء الذين جاؤوا إلى رسول الله ﷺ شاكين حالهم، غابطين إخوانهم الأغنياء؛ لأنهم وجدوا ما ينفقونه ويتصدقون ويبذلون، فقالوا لرسول الله ﷺ:«ذهب أهل الدثور بالأجور – أي أهل الأموال – يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق» .. همهم ومشكلتهم أن إخوانهم سبقوهم في هذا الميدان العظيم، فدلهم الرسول ﷺ على ما يعوض ذلك وهو أنهم يذكرون الله سبحانه فيسبحون ويحمدون ويكبرون ثلاثًا وثلاثين دبر كل صلاة ويختمون المائة بـ:«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»

الخطبة الثانية

الحمد لله الكريم الجواد، أفاض من جوده وكرمه على الحاضر والباد، أحمده سبحانه وأشكره على ما تفضل به على جميع العباد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المنزه عن الشركاء والأمثال والأنداد، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل السبق والفضل والأمجاد، والتابعين ومن تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم التناد.أما بعد:

أيها المسلمون!
إن المنافسة العظيمة الشريفة في طاعة الله ورسوله ﷺ تثمر ثمارًا يانعة في الدنيا والآخرة، فأولئك المتنافسون لهم أجور جزيلة ومنح كريمة، يقول سبحانه:﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۞ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ۞ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمْ ۖ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۞ أُو۟لَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌۭ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّـٰتٌۭ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133-136].

إن المسارع في الخيرات يشغل نفسه بالخير الذي يصلحها، وينفعها في الدنيا والآخرة، فالنفس إن لم تشغلها بالخير شغلتك بضده، فأوردتك المهالك، فاتق شرها بشغلها بأنواع الخيرات.

ومن الثمرات العظيمة: أن التنافس في الأمور الشريفة يزيد الإنسان شرفًا وهدى وتقى، ويفتح له من الخير مما لم يخطر له على بال، يقول سبحانه: ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْا۟ زَادَهُمْ هُدًۭى وَءَاتَىٰهُمْ تَقْوَىٰهُمْ ﴾ [محمد: 17].

ومن الثمرات أيضًا: استمرار مضاعفة الحسنات ورفعة الدرجات،
روى مسلم وغيره أن رسول الله ﷺ قال:«من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كُتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كُتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء» .

ومن الثمرات أيضًا: أن الحريص على تلك المنافسة العظيمة يكتب له أجره تامًا إذا حال بينه وبين عمله عارض، كالمرض أو السفر، روى البخاري أن رسول الله ﷺ قال: «إذا مرض العبد أو سافر، كتب له من العمل مثل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا» .

ومن الثمرات التي لا تعدلها ثمرة: القرب من الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ ۞ أُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ ﴾ [الواقعة: 10-11].

أيها المسلمون!

فتح الله سبحانه وتعالى ميادين التنافس والتسابق ليجني العباد تلك الثمار وغيرها، فلو تأملنا حال السنة بأكملها لوجدنا ذلك التشجيع العظيم الذي لا يعدله تشجيع، فما يمر موسم إلا ويتلوه آخر، لمراجعة الحسابات، وزيادة الحسنات، واستغلال الفرص والهبات، فالأمس ودعنا رمضان بما حمل من منح ونعم، وما إن انتهى إلا وتدخل أشهر الحج، وفي الأيام القريبة تبدأ قوافل الحجيج مناسك حجهم رغبة ورهبة، وللذين لم يستطيعوا الحج تدخل عليهم عشر ذي الحجة، أفضل أيام السنة على الإطلاق، وكما أن ليالي العشر الأخير من رمضان أفضل ليالي السنة، في عشر ذي الحجة أفضل الأيام، قال فيها رسول الله ﷺ فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: «ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء» .

أيها المسلمون!

إن الناظر في أحوال كثير من المسلمين يجد أنهم تغافلوا وتكاسلوا عن المنافسة في هذه الأمور العظيمة، وصاروا يتبارون بأمور تافهة، في إرضاء رغباتهم وشهواتهم، أو فيما يتفاخرون فيه بالدنيا، في جمع المال بطرق مشروعة وغير مشروعة، فالمهم جمعه بأي وسيلة، وفي تصريفه بما لا يفيد، وتركوا ما يجدونه مدخرًا عند الله سبحانه وتعالى، فهل بعد تلك النصوص العظيمة يبقى لأحد التغافل عن ميادين الخير والتباري فيها؟ فمهما أرضيت نفسك من الدنيا فلن تشبع، ولا يشبعها إلا التراب، فالله الله في السباق إلى الخير، في العلم النافع، في الإصلاح، في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في دعم المستضعفين من المسلمين، في طاعة الوالدين وصلة الرحم، في بذل المعروف والعطف على المسكين والمحتاج، وفي الصلاة والصيام، وفي الذكر والقراءة وغيرها مما لا يُحصى، فبادروا – عباد الله – بالأعمال الصالحة، فإنه لا نجاة لكم إلا بها، ولا ينفعكم سواها، وهي زادكم في الآخرة وطريقكم إلى الجنة، وهي التي خُلقتم من أجلها، وأُعطيتم المهلة والصحة والغنى والفراغ لتحقيقها، فكم من مضيعٍ للعمل الصالح يقول عند الوفاة:﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ۞ لَعَلِّىٓ أَعْمَلُ صَـٰلِحًۭا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾،فيُقال له:﴿ كَلَّآ ﴾
[المؤمنون: 99 – 100].

وصلوا وسلموا على خير البريات، والسابق إلى الخيرات، كما أمركم الله جل وعلا في محكم التنزيل، فقال جل من قائل: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ ۚ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسْلِيمًا ﴾