
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، أحمده سبحانه، وهو أهل الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي خلق الذكر والأنثى، وجعل كل واحد للآخر محلًا للسكنى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، النبي المصطفى، والعبد المجتبى، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلَّا وحي يوحى، صلى الله وسلم، وبارك عليه، وعلى آله، وأصحابه أولي النهي، ومن دعا بدعوته، وسار على نهجه، واقتفى، أما بعد:
عباد الله! اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا سخط الجبار، فإن أجسامكم على النار لا تصبر، ولا تقوى، وتمسكوا بهدي محمد ﷺ تفلحوا في الآخرة والأولى.
أيها المسلمون! اقتضت حكمة الله تعالى أن خلق الناس في هذه الدنيا، وجعلهم بين ذكر وأنثى، يميل كل واحد بفطرته للآخر، يسكن إليه، ولا يستغني عنه، لكنه نظم هذه العلاقة على أساس شرعي واضح سليم، تقوم فيه تلك العلاقة على المحبة والمودة والرحمة ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].
فالزواج في الإسلام سكن للنفس، ومتاع للحياة، وطمأنينة للقلب، وإحصان للجوارح، وحرث للنسل، وسبب لحصول الذرية الصالحة، ونعمة عظمى، وراحة للضمير، وستر وعفاف، وصيانة للأعراض، وتنظيم للحياة البشرية، وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء، وعبادة يبتغي بها الإنسان استكمال الدين، ويلقى بها ربه مصونًا طاهرًا مستورًا نقيًا.
أيها المسلمون: نظم الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة على هذا الأساس الشرعي المهم، وتضافرت النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية في الحث عليه، والترغيب فيه، والتحذير من مخالفته، والترهيب من تركه، يقول سبحانه: ﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 32] ويقول سبحانه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3].
وروى البخاري، ومسلم أن رسول الله ﷺ قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج»، وروى مسلم أن رسول الله ﷺ قال: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة»، وروى الطبراني بإسناد جيد أن رسول الله ﷺ قال: «أربع من أعطيهن، فقد أعطي خير الدنيا والآخرة، قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وبدنًا على البلاء صابرًا، وزوجة لا تبغيه حوبًا في نفسه وماله».
أيها المسلمون: في هذه الأيام تنتشر ظاهرة مباركة، وهي حصول الزيجات استجابة لنداء الله تعالى، ونداء رسول الله ﷺ والمسلم الحصيف ليسرُّ عندما يرى هذه الظاهرة المباركة، فنسمع ونقرأ في الصحف أن في مدينة كذا حصل عدد كبير من الزيجات، وهذا يفرح المؤمن ويسوء العدو لما في ذلك من المصالح، العظيمة للفرد والأسر والمجتمع، ولسنا اليوم بصدد ذكر تلك المصالح وتعداد تلك الفوائد، فهي معروفة ومعلومة لكل ذي لب، ويكفي أنها امتثال أوامر الله ورسوله، واتباع سنن المرسلين، وسبب تحصين الفروج، وحماية الأعراض، والبعد عن الفتن، وتكثير نسل المسلمين، وتحصيل الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وإنجاب أولاد صالحين يكونون امتدادًا لوالديهم يدعون لهم، ويستغفرون لهم، وعبادة يتقرب إلى الله بها، ويحفظ بها الإنسان نفسه من شرور الفتن، إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة، والحكم العديدة.
إن المسلم يدرك تمامًا تلك المصالح العظيمة، ولذلك نرى بفضل الله ﷻ في الآونة الأخيرة كثرة الزيجات، وهذه علامة صحوة مباركة، وظاهرة محمودة نسأل اللهﷻ أن يبارك فيها، ويجعل العلاقة قائمة على المودة والرحمة، ولكن أيها المسلمون! إن الناظر في واقعنا يجد تصرفات خاطئة، وظواهر غير سليمة تحتاج إلى الوقوف معها، والتأمل فيها، ومحاولة علاجها، يجد أخطاء في مرحلة ما قبل الزواج، ويجد أخطاء في حفلات الزواج، وأخطاء بعد الزواج مباشرة.
أما ما قبل الزواج، فعلى رأسها تأخير الزواج، سواء كان من قبل الفرد المتزوج بحجة إكمال دراسته، أو تكوين نفسه كما يقول بعضهم، أو عدم وجود مهر كامل، وغير ذلك من الحجج والعلل الواهية، وهذه كلها يعظمها الشيطان، وقرناء السوء في النفوس، فالله سبحانه وتعالى، يقول: ﴿وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰلِحِينَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَآئِكُمۡۚ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ﴾ [النور: 32]، قال أبو بكر (رضي الله عنه) حول هذه الآية: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى.
وروى الترمذي بسند صحيح، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف»، قال ابن كثير : والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله.
ومن جانب آخر نجد كثيرًا من الأولياء يؤخر زواج ابنته وموليته، فيمنعها من الزواج بكفئها، فإذا تقدم خاطب كفء منعها منه بحجج واهية، وتعليلات فاسدة، كأن يتعلل بأنه فقير ليس لديه مال، أو أنه ليس من مستوى الأسرة ماديًا أو اجتماعيًا، أو لا يحمل شهادة معينة، أو بحجة أنها لا زالت صغيرة، أو إكمال دراستها، أو أنه طويل أو قصير إلى غير ذلك مما يسوله الشيطان في نفوس الأولياء أو نفوس النساء، والأعظم والأطم من يريد تأخير زواج ابنته إذا كانت موظفة؛ ليأخذ حفنة من مالها، فيجعل بنته وسيلة للتكسب، ومجالًا للربح المادي، وفي هذا كله جناية على البنت، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع بأكمله، فالبنت مُنعت من كفئها، وفوت عليها فرصة الزواج التي تنتظرها بفارغ الصبر، وهي تسهر الليالي، وتعد الأيام للحظات زواجها، وما علم هذا الولي، وهو مرتاح مع زوجته، مقدار ما تعاني تلك المسكينة بالإضافة إلى ما يحصّله من الإثم؛ حيث عصى الله ورسوله ﷺ بهذا المنع، هذا مع ما يجلبه هذا التأخير، من تأخير حصول ذرية صالحة، ونسل مبارك قد يكون نفعهم لهذا الولي في حياته قبل موته.
نعم أيها المسلمون! إذا كان المتقدم غير كفء، فالواجب عدم تزويجه، ولذلك جعل لنا رسول الله ﷺ معيارًا سليمًا للكفء، ومقياسًا دقيقًا فقال رسول الله ﷺ فيما رواه الترمذي وحسنه: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه، قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، ثلاث مرات».
فالميزان هو الدين والخلق، وهذا الميزان ينبغي أن يكون واضحًا في ذهن كل ولي خطبت موليته، وفي ذهن كل شاب يريد خطبة زوجة له.
وأهم شيء ينظر إليه من الجانبين في الدين: توحيد الله ﷻ، وإقام الصلاة، فمن لم يحافظ على أداء الصلاة، ويحرص عليها، ويقوم بحق الله فيها، فلا يستحق أن يزوج من بنات المسلمين.
والأمر الآخر الخلق الكريم، ومنه السماحة والعفو والصبر والتحمل؛ لأن كلًا من الزوج وزوجته سيبدآن علاقة وطيدة، فلا بد من هذين الأمرين.
روى البخاري، ومسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي ﷺ قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» [صحيح البخاري: 5090، مسلم: 1466]. ويقول ﷺ فيما رواه مسلم في صحيحه: «الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة».
أيها المسلمون! إن من المؤسف حقًّا أن كثيرًا من الناس جعل الميزان دنيويًا بحتًا، أو قائمًا على أعراف وتقاليد وعادات غير سليمة، كمن لا يزوج إلا من كان غنيًا أو وجيهًا، أو ينظر إلى والد المتزوج، ولا ينظر إلى ولده، أو بحجة ما يسمى بتحجير البنت عند بعض القبائل والعشائر ونحو ذلـك، ولا ينظر إلى صلاح المتزوج، بل قد يكون فاسقًا، كمن يشرب المسكر ونحوه، أو صاحب معصية ظاهرة، وكم من المشكلات الزوجية الآن التي تغص بها المحاكم الشرعية بالإضافة إلى ضياع الأبناء والبنات، كلها من أسباب عدم الاختيار السليم، فالله الله في ضبط هذا الميزان، والسير على منهاج سيد الأنام.
أيها المسلمون! ومن الأخطاء في مرحلة الاستعداد للزواج، رفع المهور وغلاؤها، وجعل البنت سلعة قابلًا للمزايدة والمتاجرة، وهذا مما وقع فيه كثير من الناس، وجاءت الشريعة بالتحذير منه في الدنيا والآخرة، وصار الناس ينظر بعضهم إلى بعض، واعتمد على السفهاء في تقدير، هذا الأمر، فمن يدفع أكثر هو الذي يظفر بهذه البنت دون تفكير في العواقب وحساب للنتائج، إن ضخامة المهر يسبب كراهة الزوج لزوجته، وتبرمه منها عند أدنى سبب، وإن سهولة المهر من أسباب الوفاق، والمحبة بين الزوجين، ومما يوجب البركة في هذا الزواج.
روى الإمام أحمد، عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة». وكان صداق أزواج النبي ﷺ وبناته في حدود خمسمائة درهم، وزَوَّجَ امرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن بعد أن قال له: «التمس ولو خاتمًا من حديد» فلم يجد شيئًا، متفق عليه.
وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): لا تغلوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى في الآخرة كان أولاكم النبي ﷺ.
قال ابن القيم (رضي الله عنه): إن الصَّداق لا يتقدر أقلُّه، وإن قَبْضَةَ السَّويقِ، وخاتمَ الحديدِ يصح تسميتُها مهرًا، وتحل بها الزوجة، وتضمنت الأحاديث أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره.
أيها المسلمون! عندما يعجز الشباب عن تحصيل المهر، فسيبحث عن محل لقضاء شهوته، فإذا امتنع السبيل الحلال ذهب إلى الحرام يفتش عنه يمنة ويسرة، وتصور أيها الولي أن ابنك ذهب يقضي وطره في الحرام، فما موقفك؟ ثم تصور أن هذا سرى في المجتمع بأكمله؟ ثم ما مصير تلك البنت التي منعت من الزواج؟ وهي تعلم أن المانع هو قلة المهر، ألا تبحث عن محل بأرخص الأسعار- ولو كان حرامًا- لقضاء وطرها، إن الأمر جد خطير وعظيم، وإن المفرح جدًا أن نسمع أن بعض الأسر وضعت حدًا معينًا للمهر ولتكاليف الزواج، وأن نسمع أن بعض الأولياء لم يأخذ إلا كذا وكذا من المبالغ المعقولة، فيبشر أمثال هؤلاء بالدعوات الصادقة الحارة، وببركة هذا الزواج، وبسعادة ابنته وبناته، وأسرهم في الدنيا قبل الآخرة.
فتنبهوا أيها المسلمون، لأنفسكم، وصححوا أخطاءكم، واقتدوا بنبيكم، يبارك الله في حياتكم قبل مماتكم، وتسعدوا في دنياكم وأخراكم.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وسنة نبيه، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله ﷺ وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها المسلمون! ومن الأخطاء في وقت إقامة الزواج وحفلاته ما صار شائعًا عند بعض الناس اليوم من تكاليف ابتدعوها، وتمادوا فيها، وصارت محلًا للمفاخرة بحيث تثقل كاهل الزوج، وتنفر عن الزواج، ومن ذلكم الإسراف في شراء الأقمشة المرتفعة الأثمان، وشراء المصاغات الطائلة باهظة الثمن، والمبالغة في تأثيث المنزل وغرفة الزوجة، ومما هو ظاهر وبيّن للعيان، ومحل تبرم من الجميع الإسراف، والتبذير في إقامة الولائم، وإفساد الطعام من لحوم وغيرها، ورمي النعم في المزبلة، وكل هذه ونحوها مما تثقل كاهل الزوج وليست في صالح الزوجة، وإنما يستفيد منها أصحاب المصانع والمتاجر في الشرق والغرب؛ لأنهم هم الذين يجنون ثمارها، والمحصّلة أنها أموال تذهب هدرًا وتضيع سدىً، وتسد طريق المسلمين إلى الزواج، أضف إلى ذلك ما يفعله بعض السفهاء من إقامة حفلات الزواج في الفنادق ونحوها مما يزيد الكلفة كلفة، وقد يكون سببًا للعقوبة.
نعم أيها المسلمون! إن إعلان النكاح، وإقامة الوليمة، وجمع الأقارب والأصدقاء سنة في الزواج يحصل فيه من الخير ما يحصل من سلام ودعاء ومباركة، وقد قال رسول الله ﷺ لعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه): «أولم ولو بشاة» ولكن أن يصل الأمر إلى مثل ما نعيشه الآن، فهذا هو المحذور الذي يجب أن نسارع في تركه، ونتوب منه، فالله ﷻ يمهل ولا يهمل.
ومن الأخطاء الفادحة، والأعمال المشينة، والأفعال المحرمة ما يفعله بعض الناس من اختلاط بين الرجال والنساء في حفلات الزواج، ويبتدئ هذا الاختلاط من كون اللقاء الأول بين الزوج وزوجته أمام النساء، وهن ينظرن إليه، وهو ينظر إليهن، أضف إلى ذلك ما يحصل من منكرات متتالية من حصول تصوير للعروسين، وقد يكون المصور لها من الرجال، فيبتدئ هذا الزواج بما يغضب الله، سبحانه وتعالى، أترضى أيها الولي أن تكون صور ابنتك محلًا للتداول والنظر؟ ثم ما الذي يسوغ لهذا المتزوج أن ينظر إلى تلك النساء المجتمعات؟ إن هذا مما يسبب فشل هذه الحياة الزوجية؛ لأن هذا الزوج قد ينظر إلى من هي أجمل من زوجته، فترخص في عينه مع حسبانه لتلك التكاليف الباهظة التي تحملها بالإضافة إلى الانجراف وراء تقاليد الكفار، وأشباه الكفار الذين لا دين لهم، ولا أخلاق، أين الدين يا عباد الله؟ بل أين الخلق والحياء؟ بل أين الرجولة والشهامة؟ أنسير وراء كل سرب خادع، ونحن نهوي إلى الهاوية؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 21].
إنه مما ينبغي للشاب المسلم والفتاة المسلمة أن يبدأ الحياة الزوجية بكامل الستر والحياء والعفاف والطهر، يبدأ حياتها الزوجية بالدعاء الصادق بالبركة وسعادة الحياة، يبدآنها بلقاء يحفه الإيمان، وتغمره المودة والرحمة، لا بلقاء تلفُّه العيون الآثمة من كل طرف، وبتقليدٍ إثمه أكبر من نفعه.
أيها المسلمون!
ومن الأخطاء الفادحة أيضًا ما يفعله بعض الناس من سهر الليل المتواصل في حفلات الزواج إلى قرب الفجر، يزداد الأمر سوءًا إذا كان هذا السهر على معصية الله، جل وعلا، في هذا الحفل من وجود أغاني صاخبة، واستجلاب مطربين ومطربات ينعقون بما يغضب الله، سبحانه وتعالى، أما يخشى من يفعل هذا من عقوبة تشمل الخاصة قبل العامة؟ كم حصّل هؤلاء من إثم؟ وكم فوتوا من الأجر؟ في الليل الهادئ الساكن ينزل الرب، سبحانه وتعالى، إلى السماء الدنيا ليسمع الدعوات الصادقة، والعبرات الحارة، والاستغفار المتواصل، وهؤلاء للأسف الشديد يُسمعون مولاهم وخالقهم ما يغضبه من أصوات المطربين والمطربات، تصور يا من أقمت هذا الحفل على معصية الله تعالى أن الله قبض روحك في هذا الوقت، فبم أنت مجيب؟ وكيف خاتمتك؟ علينا أن نفيق من سباتنا، ونعمل ما يرضي الله تعالى فنسعد في الدنيا والآخرة.
اتقوا الله عباد الله! وصلوا وسلموا على نبيكم نبي الرحمة، الذي جاءكم بالبينات والحكمة، وكشف عنكم ما بكم من غُمَّه، كما أمركم الله جل وعلا في محكم كتابه العزيز حيث قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(1)
الخطبة الأولى الحمد لله القوي المجيد، المدبر لخلقه كما يشاء، وهو الفعال لما يريد، أحمده سبحانه وأشكره، أحكم ما خلق،...

صلاح القلب
الخطبة الأولى الحمد لله، خلق الإنسان في أحسن تقويم، وبيَّن له صراطه المستقيم، وأعانه على بلوغه بعقل قويم، وقلب سليم،...

أحكام الخطيب والخطبة
لقد أفردت هذا الفصل بالأحكام المتعلقة بالخطيب والخطبة لأهمية هذه الأحكام ولأن من المقاصد العظمى من يوم الجمعة هي هذه...

صفة الحج
الخطبة الأولى الحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس، وأمنًا، والحج إليه أساسًا من أسس الإسلام، وركنًا، أحمده سبحانه، وتعالى،...

الإيمانُ باليومِ الآخِرِ (2) البعثُ والنُّشورُ والعَرْضُ والحِسَابُ والصِّراطُ
الخطبة الأولى الحمد لله دلَّ على وحدانيته، وألوهيته بالبراهين، والحجج، أحمده، سبحانه، وأشكره، وأسأله المزيد من فضله، بيده مفاتيح الفرج،...