
الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، والصلاة والسلام على رسولنا محمد النذير البشير، الداعي إلى الله والسراج المنير، وعلى آله وصبحه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإنَّ المسلمين مطالبون بتبليغ دعوة الله سبحانه وتعالى إلى أهل الأرض قاطبة، كما يجب عليهم بعث الدعاة إلى كل بلد لدعوتهم إلى دين الله، وإيضاح الدين الإسلامي لهم، فكيف وقد جاء عدد كبير من أهل البلاد من الشرق والغرب إلى هذه البلاد المباركة؟ وقد هيأ الله تعالى العلماء وطلاب العلم ليقوموا بهذا الواجب وهم في وطنهم وبين أهليهم، فهذه غنيمة سهلة، فاغتنمها أيها المسلم!!
ومشكورة وزارة الشؤون الإسلامية على تبني مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات والإشراف عليها، وقد أدَّت دورًا عظيمًا في توعية الجاليات ودعوتهم إلى الإسلام، وما زالت تؤدي دورها المنشود في المجال الدعوي، وكم نسمع من الأخبار السارة بأن عددًا من الجاليات الفلانية قد دخلوا في الإسلام، وقد صدق الرسول ﷺ حيث قال: «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حُمْر النعم»، فهذه بشارة عظيمة لمن يقوم بعمل الدعوة، ويكون سببًا ولو لهداية رجل واحد، فجزى الله وزارة الشؤون الإسلامية ومكاتب الدعوة والقائمين عليها خير الجزاء، وجعل ذلك في ميزان حسناتهم، ووفقهم وسلك بهم سبيل الرشد والتسديد، وكتب لهم النجاح فيما يقومون به من هذا العمل الجليل. وأذكر فيما يلي عدة نقاط لتفعيل دورها ونجاح برنامجها الدعوي بإذن الله ﷻ:
أن يستفيد كل مكتب دعوة من تجارب المكاتب الأخرى للدعوة وخبراتها، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2] ولعلَّ من المفيد هنا ذكر أهمية ما تقوم وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة في عمل الملتقيات الدعوية السنوية، حيث تتاح الفرصة لمكاتب الدعوة أن تطلع على ما قامت به أخواتها من أعمال ووسائل في إيصال الدعوة إلى الجاليات بجنسيات مختلفة، والتعرف على ما حققت النجاح فيه من أعمال ووسائل وأساليب، فلا شكَّ أنَّ هذا مكسب كبير، ولكن هذا لا يكفي، فهناك أمور لا بد من اتباعها لكل مكتب دعوة حتى تؤتي الجهود ثمارها بإذن الله تعالى، ومن أهمها:
- وجود شعبة تطوير وتخطيط في كل مكتب، التطوير والتخطيط مهم للغاية، ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة، ورسولنا ﷺ كان يخطط لكل عمل يتعلق بالدعوة من الهجرة والجهاد وإلقاء الكلمة، فعند الهجرة قد خرج إلى جبل ثور وهو في طريق اليمن، وفي غزواته كان يسأل عن الجهات غير الجهات التي يريد غزوها، وفي إلقاء الكلمة كان يتخول الناس بالموعظة كراهة السآمة عليهم.
- وجود التقويم للأعمال الدعوية في نهاية كل فترة، فهناك تقويم لكل داعية في الأعمال التي قام بها أسبوعيًّا وشهريًّا وسنويًّا، وكذلك التقويم للإداريين لما يقومون به من عمل له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأعمال الدعوية، وكذلك التقويم للمكتب وأعماله وإنجازاته بصفة عامة، شهريًّا وسنويًّا.
- التركيز على الجوانب التعليمية، فالدعوة مع التربية والتعليم تقوم جنبًا إلى جنب، فإنَّ التربية والتعليم من أهمِّ وسائل الدعوة للجاليات، فهي بمثابة متابعتهم وتكوين علاقة قوية معهم حتى لا يعودوا إلى ضلالهم بعد أن هداهم الله تعالى، وقد وجدنا عدة مكاتب دعوة قد بدأت تهتم بهذا الجانب، وأقامت دورات شرعية وتعليمية للجاليات وللمسلمين الجدد منهم خاصة، مثل مكاتب الدعوة بالربوة والبديعة والصناعية بالرياض، فهذا الأمر قد ترك في نفوسهم أثرًا عميقًا حيث قد وهب بعضهم حياته للدعوة بعد أن منَّ الله سبحانه وتعالى عليه بالهداية.
- الاستفادة من المشايخ والقضاة وطلاب العلم الموجودين في دائرة عمل المكتب، فإنَّ المشايخ وطلاب العلم نخبة هذه الأمة، لا غنى لمكاتب الدعوة عن خبراتهم وتجاربهم، وما يحملون من العلم الشرعي وما يقومون من الدعوة إلى الله تعالى وواجب النصيحة لأفراد الأمة، وكذلك ما اكتسبوا من الخبرات والتجارب في حقل الدعوة، وما قد يفاجؤون به من أمور وأحوال لدى دعوة الناس، كل ذلك مكسب لمكاتب الدعوة لا يمكن حصوله إلا بلقاء مستمر مع هؤلاء المشايخ والاستفادة منهم.
هذا ما تيسَّر، ونسأل الله تعالى مزيدًا من التوفيق للقائمين على مكاتب الدعوة ويبارك في جهودهم، ويكتب النجاح لمساعيهم الجليلة، ويتقبل منها ومنهم صالح الأعمال، ويوفق للسداد والصواب، إنه سميع قريب، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وقـفـة مع التقنية
في كل زمن تجد ظواهر، ويقف الناس منها موقف الرافض، أو موقف المتخوف، أو المنبهر، أو المنغمس فيها دون تأمل...

ثقافة (تويتر) وبني عشيرته!!
لكل زمن سماته، وظواهره، وثقافته الشائعة صائبة كانت أو خطأ، وعليه تستلزم المشاركة في دراسة هذه السمات، والظواهر وتعزيز ما...

الدعوة فقه وأساليب
لم يكن موضع التدين من الداعية إلَّا بمكان قريب، والتمسك بالشريعة يحتم على الداعية التقيد بالضوابط الشرعية التي ترافق الدعوة...

الاستفادة من المواقع الدعوية
ما مدى الاستفادة من المواقع الدعوية المتنوعة من هذه التقنية المتطورة في تعريف الناس بدين الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقًا؟ لم...

التخصص وأثره في تحقيق التكامل بين المواقع الدعوية
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: يدور البحث حول عدة محاور، كما يلي: المحور...