home-icon
وقفات مع اليهود وتاريخهم

الخطبة الأولى

الحمد لله ذي الجلال والكمال، أحمده سبحانه على نعمه في كل حين وحال، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، العليم بكل الأحوال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى الصحب والآل، والتابعين ومن تبعهم إلى يوم المآل، أما بعد:

عباد الله! اتقوا ربكم، وخذوا من يومكم لغدكم، ومن صحتكم لسقمكم، واجعلوا الدنيا مزرعة لآخرتكم.

أيها المسلمون! يستيقظ المسلمون في أماكن كثيرة من العالم هذه الأيام وينامون، ويصبحون ويمسون على آلام وجراح، واستغاثة وصياح.

ولله في، ذلك – يا عباد الله- سر وحكمة، من الابتلاء والفتنة، وتمحيص المؤمنين، وامتحان اليقين في قلوب المسلمين بقدرة رب العالمين فوق كل باغ أثيم: ﴿الٓمٓ ۝ أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا۟ أَن يَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ۝ وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ [العنكبوت: 1-3].

عباد الله!

وامتحان هذه الأيام ليس أمرًا طارئًا، أو حدثًا مفاجئًا، بل جولة جديدة من جولات الصراع بين الحق والباطل، بل جولة جديدة في الصراع الأكبر والتحدي الأخطر، بين المسلمين الذين آمنوا برب العالمين، وصدقوا بكتابه المبين، واتبعوا رسوله الأمين، وبين اليهود الذين كفروا بالله على بصيرة، وجحدوا كتابه- وهم يعرفونه – ونبذوه وراء ظهورهم، وقتلوا أنبياءه ورسله.

أجل يا عباد الله.. إنهم من لعنهم الله وأنبياؤه، فصار ذكرهم مخلدًا باللعن في كتاب الله إلى قيام الساعة ﴿ وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام: 55].

واسمعوا- أيها المسلمون- إلى خبرهم ونعتهم، ووصفهم ولعنهم، في القرآن العظيم: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ (78) كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ (79) تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ (80) وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ (81) ۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّيسِينَ وَرُهۡبَانٗا وَأَنَّهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [المائدة: 78-82].

أما التاريخ.. تاريخ هذه الشرذمة.. فدماء وأشلاء، وصدود وافتراء، واجهوا الإسلام بالعداء والإباء، وحالفوا أهل الشرك والنفاق والأهواء.

أما حالهم مع ربهم، فتطاولت ألسنتهم على خالقهم، ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة: 64]، ﴿لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [آل عمران: 181].

وأما حالهم مع أنبياء الله ورسله، فتاريخ مملوء بالسفاهة والطيش والعناد، فقابلوا الأمر والنهي، بالسمع والعصيان، والبشارة والنذارة بالجحود والنكران.

وقابلوا نعم الله عليهم أقبح مقابلة، وتمادوا في العصيان.

وقتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام، ورموا كلمة الله وروحه عيسى بن مريم وأمه الصدّيقة بالعظائم، وهكذا حالهم مع سائر الرسل الكرام عليهم السلام ﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾ [المائدة: 70].

ولما بعث خاتم الرسل نبينا محمد ﷺ، أكل قلوبَهم الحقدُ، فحرّضوا عليه وقاتلوه، وآذوه عليه الصلاة والسلام، فسحروه، لكن الله تعالى كفاه شرهم، وخلصه من سحرهم، وتآمروا على قتله والغدر به- بأبي هو وأمي – مرة بإلقاء حجر كبير عليه في بني النضير، ومرة بشاة مسمومة، أكل منها عليه الصلاة والسلام شيئًا، وظلّ متأثرًا به حتى توفي، وغير ذلك من مكرهم وكيدهم.

أيها المسلمون! أما آثارهم على الأمم والشعوب، فتاريخ مليء بصفحات سوداء من الغدر والخيانة، والتآمر والكيد لهذا الدين الخاتم.

ومن أجلى صور كيدهم في تاريخ الأمة الإسلامية: فتنة عبدالله بن سبأ، الذي عرف بابن السوداء، وهو يهودي من صنعاء، أظهر الإسلام واستبطن الكفر، ثم بدأت مكائده الخبيثة بادعاء التشيع لعلي (رضي الله عنه)، وهو الذي تنسب إليه فرقة «السبئية» الذين تمادوا في الهوى والغي حتى قالوا بألوهية علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

فلما رأى البائسُ ابنُ سبأ أن أمر الإسلام بدأ ينتشر ويظهر، فكر وقدّر أن هذا الأمر ليس له إلا فتنة من داخله، فبدأ بالمدينة، لكن الله تعالى دحر شبهاته بالعلم وأهله، كلما رمى شبهة رُد عليها. فبدأ- عليه لعنة الله- يجمع له أتباعًا ويثير الفتن، حتى وقعت الفتنة في زمن الخليفة الراشد العظيم ذي النورين عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، التي انتهت بقتله (رضي الله عنه) وأرضاه، وما تلا ذلك من فتن بين المسلمين، وظهور فرق ضالة كالخوارج، إلى غير ذلك مما هو مسطّر في ديوان التاريخ من صفحات مؤلمة للنفوس المؤمنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ويعيد التاريخ نفسه في عالم اليوم، ويتواصل العداء، ويأتي أحد معاصريهم-وهو مناحيم بيجين- ليلخص سياستهم بقوله: «أيها الإسرائيليون.. لا يجب أن تشعروا بالشفقة حتى تقضوا على عدوكم، ولا عطف ولا رثاء حتى تنتهوا من إبادة ما يسمى بالحضارة الإسلامية، التي سنبني على أنقاضها حضارتنا».

وهكذا عاث اليهود في الأرض فسادًا، فدمروا الشعوب والأفراد بنشر الربا، يستنزفون ثروات المسلمين بتدمير اقتصادهم، وإدخال المحرمات في تعاملهم، حتى يتسنى لهم الانقضاض عليهم عند ضعفهم وفقرهم.

وهم دعاة الإباحية، وحاملو ألوية الفساد تحت شعارات برّاقة كالحرية والمساواة، والإخاء والإنسانية؛ ليفتكوا بالشباب المسلم، ويغوونه بالرذيلة، وليفتنوا المرأة، ويفسدونها بمكرهم وشعاراتهم. كل هذا لإخراج جيل من المسلمين لا عقيدة له، ولا أخلاق ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة: 64].

ومع كل هذه الخسة البالغةِ نهايةَ القبح، يعتقد هؤلاء أنهم شعب الله المختار، وأن غيرهم من الملل خدم لهم.

لكن حقيقة أمرهم هي كما وصفهم الله جل وعلا: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 112].

أيها المسلمون!

هؤلاء هم اليهود، ويهود اليوم هم يهود الأمس، الغدر نفسه، والكيد نفسه، حذو القذة بالقذة، وها هم يقصفون أراضي المسلمين في فلسطين، ويهدمون بيوت أهلها فوق رؤوسهم، ويعلنون عن استمرارهم في ذلك وقصدهم إليه، لا يبالون بطفل صغير أو شيخ كبير، أو امرأة ضعيفة أو جنين أو رضيع ﴿ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ [التوبة: 10].

عباد الله!

وبالرغم من هذا التجبر والبطش.. يجب على كل مسلم أن يوقن بنصر المسلمين وغلبتهم على هؤلاء المعتدين، تصديقًا لموعود الله تعالى على لسان نبيه ﷺ، كما في الحديث المتفق عليه عن ابن عمر (رضي الله عنه) أن رسول الله ﷺ قال: «تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله».

فلا يأس ولا قنوط، بل ثقة ويقين في موعود رب العالمين، وصبر ومؤازرة لإخواننا المسلمين، بدعائنا وأموالنا، ومن وراء ذلك اليقين بقوة رب العالمين ودفاعه عن المؤمنين: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍۢ كَفُورٍ ۝ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا۟ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 38-39].

وإن المتأمل في واقعهم الآن ليرى تصديق ما جاء في القرآن، ففي بطشهم نرى ضعفهم، وفي عدوانهم نرى جبنهم، فقصفهم بالطائرات، وعلى الأرض بالدبابات والمدرعات، لأنهم لا يقوون على المواجهات ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ [الحشر: 14]. وإن أمة موصوفة بهذه الأوصاف من الجبن والخور لحقيقة بنصر المؤمنين عليهم ﴿ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﴾ [الروم: 4-5]. ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: 21].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إمام المتقين وخاتم المرسلين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المسلمون!

ومع التحلي باليقين في وعد رب العالمين وعلمه وإحاطته وحكمته، جل وعلا، لا بد من وقفات مع الواقع المرير، وقفات صدق ومحاسبة مع النفس والمجتمع، على كل المستويات، فما أصاب المسلمين من الوهن، والضعف، والعجز عن التصدي لهذا العدوان إنما هو أحد آثار الذنوب، والمعاصي في الأمة.

وما أثر في المسلمين ليس قوة العدو، بل ضعف المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وفي حديث ثوبان (رضي الله عنه) أن رسول الله ﷺ قال: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ويجعل الوهن في قلوبكم وينزع المهابة من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت».

وإن واجبنا فرادى وجماعات لا يقف عند حد النصرة لإخواننا المستضعفين بالدعاء والمال، وسائر صور النصرة، بل إن الواجب الأكبر أن نراجع حساباتنا، وأن يستشعر كل مسلم ومسلمة أنه جزء من أمة تؤتى من قبله بقدر ذنوبه، والعياذ بالله.

عباد الله!

ذلك الداء: ليس له إلا هذا الدواء.. فلا بد من العودة- فرادى وجماعات- إلى الله ﷻ حتى يتنزل النصر ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7]، ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: 160]، ﴿ٱلَّذِينَ أُخْرِجُوا۟ مِن دِيَـٰرِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍۢ لَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌۭ وَصَلَوَٰتٌۭ وَمَسَـٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسْمُ ٱللَّهِ كَثِيرًۭا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ ۞ ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا۟ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ﴾ [الحج: 40-41].

كما أنه لا بد من توحيد الصف ونبذ النزاع والشقاق بين المسلمين، والإلحاح في الدعاء لإخواننا المستضعفين وعدم الاستهانة به، فهو سلاح عظيم دائم نؤازرهم به.

فعلى الجميع رعاة ورعية الحفاظ على الشباب من المغريات والمحرمات، وحماية النساء من الفتن والتبرج والسفور والاختلاط، وشغلهنّ بما ينفعهن في دينهن، والسعي إلى إصلاح الأسرة المسلمة بعامة وفق شرع الله تعالى.

فاتقوا الله، عباد الله، وخذوا بأسباب النصر وأصلحوا بيوتكم، واعتزوا بدينكم، وثقوا بموعود ربكم.. ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].

اللهم كن لنا، ولا تكن علينا، ولا تكلنا طرفة إلينا، وصلوا وسلموا على رسول الله كما أمركم الله في محكم كتابه العزيز حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].