home-icon
نصرة الأنبياء جميعًا من نصرته عليه الصلاة والسلام

عندما يهب المسلم لنصرة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، فهو يهب لنصرة عموم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لأننا كمسلمين نؤمن بجميع رسالات الأنبياء، لا نفرق بين أحد من رسل الله سبحانه وتعالى، وكذلك للنصرة ضوابط وأساليب يجب اتباعها حتى تؤتي ثمارها، وحول هذه المعاني التقينا الأستاذ الدكتور/فالح بن محمد الصغير، الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والمشرف العام على شبكة السُّنة النبوية وعلومها، لنقف معه عدة وقفات حول هذه المعاني.

  • بداية دكتور، حفظكم الله، ما مكانة الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- في الإسلام؟
    مكانة الأنبياء:
    تتلخص مكانة الأنبياء في الأمور الآتية:

    • أنهم جميعًا رسل لهداية للناس، يقول تبارك وتعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 213].
    • تمحورت دعوات الرسل جميعًا حول توحيد الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [النحل:36].
    • أنَّ الله تعالى لم يترك أمة أو قرية أو جماعة إلا وبعث فيهم رسلًا وأنبياء، لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر:24]. وكان خاتمهم محمدًا عليه الصلاة والسلام، يقول تبارك وتعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: 40].
    • الإيمان بهم ركن من أركان الإيمان الخمسة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره».
    • لقد فضل الله تعالى الرسل بعضهم على بعض، كتفضيل إبراهيم عليه السلام بالخلة، وموسى بالكلام معه، وعيسى عليه السلام بالتكلم في المهد وشفاء الناس، ومحمد عليه الصلاة والسلام بالرسالة الخاتمة، والإسراء والمعراج، وغير ذلك، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ ۞ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [البقرة: 253]. فالجرأة على أحد من هؤلاء الرسل عليهم السلام بالسخرية أو الاستهزاء هي جرأة عليهم جميعًا.
  • ماذا يُقصد بنصرة النبي عليه الصلاة والسلام، ولماذا تم التركيز عليها في الآونة الأخيرة؟
    المقصود بنصرة النبي عليه الصلاة والسلام:

    • الدفاع عن شخصه الكريم؛ فهو رسول الله الذي أُنزل إليه القرآن من الله تعالى عن طريق جبريل عليه السلام: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ [النمل:6].
    • الدفاع عن سنته عليه الصلاة والسلام التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، فالإساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام إساءة لله تعالى وللدين كله وللأمة جميعها.
    • إبطال الضلالات والأكاذيب التي يروِّجونها عن الإسلام ورسول الإسلام، وكشف الستار عن مؤامراتهم ومنطلقاتها العقدية وعلاقتها بالأحداث السياسية التي تجري في العالم، وأن مثل هذه السلوكيات المشينة ليست بمعزل عن الغزو العسكري الذي يتعرض له العالم الإسلامي.
  • ما الأسلوب الدعوي الأمثل في التعامل مع مثل هذه الأحداث؟
    التعامل مع الحدث:
    انطلاقًا من الإيمان بالسنن الكونية، حيث خلق الله الخلق أممًا وفرقًا وأعراقًا، وانطلاقًا مما أحدثه الحدث من آثار فكرية ومواقف وحوارات، فإن من الخير التعامل مع الحدث عبر المحاور الآتية:

    • الأول: لا إكراه في الدين: فمن الخطأ الجسيم أن يظن أحدهم أن الأفكار والعقائد تتغير بالقوة والإكراه، لقوله: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256].
    • الثاني: الحوار بالحكمة الموعظة: باتباع أسلوب الحكمة والموعظة الهادئة في مناقشة الملل الأخرى فهو من الوسائل الناجعة للعمل الدعوي وهداية هذه الأمم إلى الإسلام، لقوله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125]. وقوله تعالى: ﴿۞ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46].
    • الثالث: نبذ الغلو في التعامل: ومما ينبغي الإشارة إليه ألا يجرنا الحدث إلى الغلو في التعامل، فهو من الوسائل التي نهى عنها الشارع، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الحج: 78]. ويقول عليه الصلاة والسلام: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثًا.
    • الرابع: نبذ السباب والشتائم: فمن أهمِّ مبادئ الإسلام وأخلاقياته في التعامل مع الملل الأخرى من أهل الكتاب وغيرهم، عدم سبابهم وشتم عقائدهم وأفكارهم، وهذا المبدأ علَّمه الله تعالى المؤمنين في كتابه المبين بقوله: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 108]، لأنَّ هذا الأسلوب لا يغني من الحقِّ شيئًا، فهو لا يفيد في هداية الناس، وليس له أثر على ضعف العدو ودحره، بل إنه سلاح السفهاء والعاجزين الذين لا يملكون الرصيد الكافي لمواجهة أفكار الآخرين، وهذا هو الدافع الرئيس الذي جعل من هذه الصحف الكافرة تنشر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام الإساءات والشتائم.
  • فضيلة الدكتور، بوصفكم المشرف العام على شبكة السُّنة النبوية على الإنترنت، هل يمكن أن نتعرف على جهودهم تجاه نصرة النبي عليه الصلاة والسلام؟
    من فضل الله تعالى ومَنِّه علينا أن وفقنا لإقامة هذا الموقع )شبكة السُّنة النبوية وعلومها( وواضح من اسمه أنه كله في نصرة النبي عليه الصلاة والسلام، كما يتبين ذلك من أهدافه، التي منها ما يلي:

    • بيان سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وشمائله.
    • الدفاع عن شخصه عليه الصلاة والسلام وعن سنته.

وهناك كثير من أبواب الموقع في صميم الموضوع، ونذكر منها:

  1. منزلة السُّنة النبوية.
  2. الدفاع عن السُّنة النبوية.
  3. السيرة والشمائل.
  4. تاريخ السُّنة.
  5. الإعجاز والطب النبوي.

وغيرها من الأبواب. كما يوجد ملف خاص لنصرته عليه الصلاة والسلام، وفيه: بيان (شبكة السُّنة النبوية وعلومها) حول نصرة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وبعض البحوث والمقالات المهمة، نذكر على سبيل المثال:

  • بيان المفتي العام: الذي عرَّف بالنبي عليه الصلاة والسلام وواجب نصرته بمحبته واتباعه.
  • حدث النصرة: وقفات وتأملات: وهي عبارة عن خمس عشرة وقفة تتناول الجوانب المختلفة لنصر النبي عليه الصلاة والسلام، للمشرف العام على الموقع.

كما يوجد بعض الخطب والصوتيات ذات الصلة بحدث النصرة. وأعددنا مجموعة من الإصدارات وصلت إلى عشرة، وجميعها في نصرة النبي عليه الصلاة والسلام، وهي:

  1. ﱡﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ واجبنا نحو رسول الله عليه الصلاة والسلام.
  2. ﱡﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ السخرية من النبي عليه الصلاة والسلام.
  3. ﱡﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ إضاءات.
  4. تعرف على الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: نماذج خُلقية من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام.
  5. صور من رحمة النبي عليه الصلاة والسلام لغير المسلمين.
  6. المرأة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام.
  7. الشمائل النبوية: نماذج تطبيقية (1).
  8. الشمائل النبوية: نماذج تطبيقية (2).
  9. تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع الصغار من أهل بيته.
  10. صورة من محبة النبي عليه الصلاة والسلام لأمته.

كما أعددنا كراسة للطفل المسلم من أجل تنمية المهارات الذهنية عنده وتكوين مرجعية إسلامية لديه كالتعريف بالنبي عليه الصلاة والسلام وبالصحابة رضوان الله عليهم، وتعريفه بأركان الإسلام والأماكن المقدسة، وذلك من خلال ربط المعلومة ببعض الرسومات في داخل هذه الكراسة.

وفي الختام نشكر باسمكم الأستاذ الدكتور/فالح بن محمد الصغير، الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والمشرف العام على شبكة السُّنة النبوية وعلومها، كما نسأل الله العظيم أن يوفقنا لنصرة نبيه عليه الصلاة والسلام وجميع أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وصلِّ اللهم وسلِّمْ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تمَّت طباعة هذا الموضوع من موقع البوابة الإسلامية –الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية– دولة الكويت.