
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لم تكن رسالة الإسلام في فجرها الأول انقلابًا جذريًّا على كل العادات والتقاليد التي كانت تسود الجزيرة العربية، وإنما كانت بمثابة انقلاب على الفاسد منها وإبقاء الصالح والحث عليه، فلم يحارب الإسلام الكرم والشجاعة وصدق الحديث والوفاء وغيرها، بل أقرَّها ودعا إليها.
ومن بين تلك العادات التي كانت عند العرب بالنسبة للمرأة خدمتها لزوجها والقيام بأعمال البيت من التخبير والطهي والغسيل وغيرها، فقد جاء الإسلام وهذَّب هذا الدور للمرأة، فجعل عملها ضمن مجال طاقتها وقوتها، فلا تتحمل ما لا تطيق كما كانت عليه في الجاهلية، وكذلك جعل الأعمال التي تقوم بها ضمن ضوابط هذا الدين وأحكامه، فلا تعمل خارج هذه الضوابط لتدخل في المعصية والمنكر.
وجاء إقرار هذا المبدأ من الرسول ﷺ في قصة فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حينما طلبت خادمًا لشدَّة ما تجده من التعب والنصب في خدمة البيت، يقول علي رضي اللَّهُ عَنْهُ إنَّ فاطمة عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن فبلغها أنَّ رسول الله ﷺ أُتي بسبي فأتته تسأله خادمًا فلم توافقه فذكرت لعائشة فجاء النبي ﷺ فذكرت ذلك عائشة له فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم، فقال: «على مكانكما» حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال: «ألا أدلكما على خير مما سألتماه إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وسبَّحا ثلاثًا وثلاثين، فإن ذلك خير لكما مما سألتماه»
وهذا إقرار من النبي ﷺ على عمل المرأة داخل البيت حسب طاقتها، ولكنه ﷺ أشار إلى بعض الأذكار التي تعين المرأة على هذا العبء، وتخفف من وطأته على نفسها وقوتها، وهي لفتة تربوية رائعة منه ﷺ للزوجين، وتحذير من أنَّ الشيطان قد يوقع بين الزوجين من خلال هذا الباب، فجاءت اللمسات النبوية لتضفي على ما كانت تجده فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا من العناء والتعب، رضًا وراحة وسكينة، ببركة تلك الأذكار والأوراد.
وتأكيدًا لهذا المبدأ تقول أسماء بنت أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : «تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق».
فيجب على المرأة المسلمة المعاصرة أن تستفيد من هذا الحدث في حياتها اليومية في داخل البيت وفي خارجه، مع زوجها وأطفالها، تحاول أن توفق قدر الإمكان بين عملها في البيت وفي خارجه حسب وسعها وطاقتها، وهذا التنظيم سيجعل منها عنصرًا فاعلًا في بناء كيان الأمة.
ثم لتتذكر رحمة هذا الدين لها حينما أسقط عنها كثيرًا من التكاليف والواجبات في حالات معينة، كالصلاة والصيام في حالة الحيض والنفاس، وكذلك أسقط عنها كثيرًا من المسؤوليات في خارج البيت كالجهاد وكسب الرزق والنفقة على الأسرة وغيرها من الأعمال لم يُعفَ الرجل منها بل يحاسب عند التقصير أو الإهمال فيها.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نصرة الأنبياء جميعًا من نصرته عليه الصلاة والسلام
عندما يهب المسلم لنصرة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، فهو يهب لنصرة عموم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لأننا...

كيفية مناصرة الداعية للنبي عليه الصلاة و السلام
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد: فإنَّ مكانة النبي عليه الصلاة والسلام في...

كيف نخدم السُّنة النبوية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: منزلة السُّنة النبوية: تعدُّ السُّنة النبوية مصدرًا أساسيًّا...

سب الصحابة رضي الله عنهم «وقفة تأمل»
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسُّنة...

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...