وقفات مع هذا الحديث

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

هذا الحديث المذكور حديث عظيم، يبين فضل ركن من أركان الإسلام نقف معه الوقفات الآتية:

الأولى: العمرة: هي زيارة البيت على وجه مخصوص، وذلك بإحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير.
أمَّا الحج: فهو قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص، فهو الذهاب إلى مكة في أشهر الحج للطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنًى وغيرها من أفعال الحج.

الثانية: في هذا الحديث بيان فضل العمرة إلى بيت الله الحرام، فقد أفاد الحديث أن العمرة مكفرة للذنوب والآثام، والخطايا والسيئات، وهذا الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

هذا الحديث المذكور حديث عظيم، يبين فضل ركن من أركان الإسلام نقف معه الوقفات الآتية:

الأولى: العمرة: هي زيارة البيت على وجه مخصوص، وذلك بإحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير. أمَّا الحج: فهو قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص، فهو الذهاب إلى مكة في أشهر الحج للطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنًى وغيرها من أفعال الحج.

الثانية: في هذا الحديث بيان فضل العمرة إلى بيت الله الحرام، فقد أفاد الحديث أن العمرة مكفرة للذنوب والآثام، والخطايا والسيئات، وهذا يؤخذ من قوله عليه الصلاة والسلام: «كفارة لما بينهما»، وسواء كانت هذه العمرة واجبة، أو مستحبة، وهذا فضل عظيم، وثواب جزيل.

الثالثة: يدل الحديث أيضًا على فضل الإكثار من العمرة وتتابعها لقوله عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة» وذكر جمهور أهل العلم أن العمرة المتكررة هي ما يؤتى بها من بلد الإنسان، لا ما يخرج لها من مكة إلى التنعيم، قال ابن القيم رضي الله عنه: ولم يكن في عمره عليه الصلاة والسلام عمرة واحدة خارجًا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عمره كلها داخلًا إلى مكة، وقد أقام بمكة ثلاث عشرة سنة لم يُنقل عنه أنه اعتمر خارجًا من مكة تلك المدة أصلًا، فالعمرة التي فعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام وشرعها عمرة الداخل إلى مكة لا عمرة من كان بها فخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة رضي الله عنها وحدها من بين سائر من كان معه، لأنها كانت أحرمت بالعمرة فحاضت، فأمرها فأدخلت الحج على العمرة، فصارت قارنة فوجدت في نفسها أن يرجع صواحباتها بحج وبعمرة مستقلة، وترجع هي بعمرة ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم.

الرابعة: الحج المبرور: هو المقبولُ الـمُقابَلُ بالبِرِّ وهو الثواب؛ ولا يكون الحج أو أي عمل آخر مقبولًا عند الله سبحانه حتى يتوافر فيه شرطان: الإخلاص، والمتابعة، ومعناها أن يقصد بهذا الحج وجه الله تعالى وأن يكون وفق ما علَّم النبي عليه الصلاة والسلام أمته بالقول والفعل وقال: «خذوا عني مناسككم».

الخامسة: قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس له جزاء إلَّا الجنة» والجنة هدف كل مؤمن ومؤمنة، وأسمى هدف يقصده المسلم في حياته هو الفوز بالجنة والنجاة من النار، لذا يجب على من ينوي الحج أن يتعلم طريقة الحج من الأركان والواجبات والسنن والمستحبات والآداب قبل أن يقصد مكة؛ لأنَّ الجنة جزاء الحج المبرور، والإنسان في هذه الحياة يسعى لأن يكون له أهداف قريبة في حياته، وأهداف بعيدة يرنو إلى الوصول إليها.

ومن أجلِّ تلك الأهداف: الجنة.

ولها وسائل توصل إليها: ومنها: الحج المبرور.

فإذا تذكر الحاج ذلك وهو يمارس أعمال حجه استزاد إخلاصًا، وطاعة، فجد واجتهد، وبذل وأنفق، ليصل إلى تلك الغاية العظمى.

وهذا يدعوه لمواصلة المسير في سائر الطرق الموصلة إلى هذا الهدف العظيم، كأن تكون عبادات قلبية، وعبادات بدنية، ظاهرة، وغير ظاهرة، توكلًا على الله، واستعانةً به، ودعاءً ورجاءً، صلاةً وصيامًا، زكاةً وإنفاقًا، برًّا وإحسانًا، أخلاقًا وتعاملًا بالحسنى.

ومن هنا ينبغي للحاج -وهو قد بذل ماله، وأتعب بدنه، وأجَّل أعماله، وترك وطنه، وغاب عن أولاده- أن يحرص على أن يكون حجه مبرورًا، بما سبق ذكره من اشتراط الإخلاص لله تعالى، فلا رياء ولا سمعة، ولا طلب دنيا ولا طلب جاه، وعليه اتباع خطى النبي محمد عليه الصلاة والسلام في حَجِّه، ثم التأدب بآداب الحج التي يجمعها قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197] مع استغلال ذلك الوقت الفاضل، بالقراءة والذكر، والتأمل والمحاسبة، والإنفاق والبذل، ومعاونة المحتاج والفقير، وخدمة الحجاج، هذا هو الحج المبرور.

نسأل الله جل شأنه أن يوفق المسلمين للإخلاص والمتابعة في جميع أعمالهم، وأن يجعل حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا وذنبهم مغفورًا، وصلَّى الله وسلَّمَ على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.