
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأُحيي القراء والقارئات الكرام من خلال هذه المطوية وأخص فيها المرأة الكريمة الواعية بحديث أوجهه إليك أيتها المرأة الواعية لأمور دينها وواجباتها، وأيتها المرأة التي شقت طريقها في العلم والمعرفة، وإليك أيتها الأم المسؤولة مربية الأجيال وصانعة الرجال، وإليك أيتها الزوجة الحنون التي تقف مع زوجها مشجعة له في طريق الخير، وعاضدة لمسيرته، ومتحملة ما يصدر منه في سبيل تحقيق أهدافه وغاياته، وإليك أيتها الداعية التي ندبت نفسها لأعظم طريق يوصل إلى الجنة ورضوان الله، إليك أنت، إلى من اتصفت بتلك الصفات، أكتب هذه الكلمات، أخصك بها، لعلها تنير دربًا وتوضح طريقًا وتزيل غبشًا وتضيف علمًا وتشد عضدًا، وتعين على الخير في درب المسيرة التربوية والتعليمية والدعوية، فالمرأة نصف المجتمع أو أكثر من النصف، والمرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخت والقريبة.
وهي المربية والمعلمة والحاضنة.
وهي مخرجة الرجال، ومربية الأبطال، ومعلمة النساء.
وهي مُنشئة القادة والعلماء والدعاة.
خلقها الله سبحانه من آدم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].
ومن هنا كان علماء الإسلام يتناولون قضية المرأة من منطلقات يقينية قررها القرآن الكريم، من منطلق الأحكام المتعلقة بها، أو من منطلق حقوقها أمًّا، وأختًا، وزوجة، وبنتًا، إلخ.
أمَّا في الأزمنة المتأخرة فقد توسَّع الحديث عن المرأة من جوانب أخرى أهمها: أن قضيتها قضية عقيدة ومبدأ، فصرنا نسمع ونقرأ دعوات صريحة إلى أن تتحلل المرأة من أوامر ربها، وتعاليم دينها، وصار كثير من النساء يرفضن كل ما شرعه الله تعالى بدعوى التحرر والتقدم، والتخلص من التأخر والرجعية والتقاليد البالية والموروثات القديمة.
ثمة سؤال يَرِدُ عند كثير من النساء والرجال على حد سواء لما يُرى من كثرة الكتابات والمشاركات العلمية في وضع المرأة المسلمة ومسؤولياتها، لماذا الخوف على المرأة؟ تلخيص الجواب في النقاط التالية:
- أولًا: لأنَّ الله سبحانه وتعالى خلقها في ضوء طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة الرجل، ومن هنا خصها بأحكام تناسب تلك الطبيعة الخاصة مثل ما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس، والطهارة منهما.
- ثانيًا: أنَّ عليها مسؤوليات خاصة بحكم كونها مربية وأمًّا وزوجة. ففي أي حالة من حالتها عليها مسؤولية يجب أن تقوم بها خير قيام، ومن هنا لزم الحديث عنها ومسؤوليتها.
- ثالثًا: تلك الهجمة الشرسة التي تعرضت لها المرأة المسلمة في الأزمنة المتأخرة من أعداء الإسلام شرقًا وغربًا، وتلقفها بعض أبناء المسلمين فصاروا يرددون ما كتبته تلك الأقلام، هذه الهجمة الشرسة تتطلب جهودًا متضافرة لتصل المرأة المسلمة إلى وعي كامل بما يراد لها، فتتبصر وتبصر طريقها بعين مبصرة، وقلب بصير ومن ثَمَّ تقاوم هذه الهجمة بما تملك من وسائل في نفسها ومن حولها.
- رابعًا: وهو تابع للأمر الثالث، تبع تلك الهجمة الشرسة كثرة الهرج والمرج حول قضية المرأة بما فيها بعض المُسَلَّمات اليقينية في الشريعة الإسلامية بما يخص المرأة، كل ناعق يريد أن يظهر نفسه، ويصبح له رأي ينسب له، ولم يعد الأمر مقصورًا على أهل التخصص، هذا يعظِّم الأمر على أهل الاختصاص أن يجدوا ويجتهدوا في بيان الحق وتوضيحه بقدر ما أعطاهم الله سبحانه من قوة البيان والحُجة، والعلم والمعرفة.
- خامسًا: أنَّ المرأة المسلمة أصبحت في الأزمنة المتأخرة مطية لكل ناعق وناعقة من أهل الكفر والنفاق، وبابًا ليلجوا منه إلى هدم كيان هذا الدين، فهم يعلمون أن المرأة إذا خرجت من بيتها، فزاحمت الرجل في ميدان عمله، وأهملت ميدانها الحقيقي، أفسدوا المرأة، وأهملوا الطفل، ولم يرعوا حق الرجل، ففسد البيت ومن ثَمَّ فسد المجتمع بأسره، ولا أدل على ذلك من وضع المرأة غير المسلمة حيث خرجت فأهملت بيتها وتفكك مجتمعها إلى غير ذلك مما لا يخفى.
- سادسًا: ما يُرى منذ زمن ليس باليسير من تساهل المرأة سلوكيًّا سواء كان في حجابها، أو عملها، أو مخالطتها للرجال، أو الخلوة بهم أو التحدث معهم بكل انطلاق، وغير ذلك. وهذه أمور خطيرة في السلوك إن لم تتدارك من ذوات الشأن تعدَّى الأمر إلى غيره مما هو أخطر منه.
- سابعًا: المرأة المسلمة اليوم يتنازعها تيارات متعددة يمكن إجمالها، بما يلي:
– التيار الاجتماعي القديم ذو الصبغة المعينة والداعي للتمسك بكل قديم.
– التيار الآخر ينادي المرأة بالتحلل من قيود الماضي ومن تعاليم الشرع.
– والتيار الثالث، وهو الذي ينادي به العقلاء من الأمة، وأهل الشرع، منها هذا التيار القائل: أيتها المرأة تعقلي فأنت مسلمة تعلمين مصلحتك في أن تأخذي أمر ربك، وأنه أعلم بما ينفعك من نفسك، وقد أنزل الله ﷻ لك توجيهات خذيها ففيها النجاة، وكل ما يسوقونك إليه سواء كانت أعرافًا قديمة أو مكائد حديثة، ينبغي أن تزنيه بهذا الميزان الشرعي فتقبلي أو ترفضي. فنتيجة تزاحم هذه الأصوات، أصبحت المرأة المسلمة على مفترق طرق، كلٌّ ينادي بمصلحتها، ويطالب بحقوقها، ويبكي ويتباكى عليها، فالتبس على كثير منهن الحق بالباطل، وكثر التذبذب، فهناك مَن بقيت على وضعها السابق متمسكة بدينها وتعاليم ربها محافظة على حجابها وسترها، مربية لأطفالها قائمة بحقوق زوجها، وهناك المتأثرة بالصيحات الكافرة والفاسقة فاجترفها تيار الفساد منخدعة بما سطرته أقلام هذه الفئة، وهناك من تُقدم رِجلًا وتؤخر أخرى، فهي مضطربة تتبع الموضة تارة، وتارة ترجع إلى فِطرتها وتعاليم خالقها، كل هذا يدعونا: لجلاء الغبش الذي ران على هذا العصر في قضية المرأة المسلمة، وتوضيح الحق. - ثامنًا: حاجة المجتمع المسلم، بل وحاجة الأمة بأكملها إلى المرأة القدوة الواعية التي تعرف مسؤوليتها، ومن ذلك:
– حاجتنا إلى المرأة المسلمة المؤمنة التي تعمق إيمانها بربها عَزَّ وَجَلَّ.
– وحاجتنا إلى المرأة الواعية التي تعي شريعة ربها، وتستشعر أوامره فتعمل بها، ونواهيه فتجتنبها.
– وحاجتنا إلى المرأة الواعية المتبصرة بشؤون وظيفتها الحقيقية.
– وحاجتنا إلى المرأة التي جسدها محفوظ، وقلبها مليء بالإيمان، وعفتها ظاهرة.
– حاجتنا إلى المرأة الداعية القدوة التي تدعو إلى الله بعملها قبل قولها.
– وحاجتنا إلى المرأة التي تعي كيد أعدائها، فتَحذَر أن تقع في شراكهم وتحذر غيرها، هذه الحاجة تُلِح على أهل العلم والاختصاص ليبذلوا جهودهم بألسنتهم وأقلامهم ليبصروا المرأة المسلمة. - تاسعًا: أنَّ للمرأة دورًا كبيرًا في التأثير على الرجل، فإن كانت أمًّا فلها سمة الأمر والنهي. وإنْ كانت زوجة فلها حثه وترغيبه في الطاعة وتحذيره من المعاصي وهكذا.
- عاشرًا: إنَّ المرأة أعلم من الرجل فيما يخص النساء ومجتمعاتهن والظواهر التي تسري بينهن، ومن هنا جاء تبيان تلك المسؤولية، ووجوب توضيحها وبيانها لتقوم بدورها خير قيام.
لهذا كله يجب أن ينفر أهل الشرع والعقل من الذكور والإناث لإجلاء هذه القضية التي افتُعِلت أن تكون قضية، وإلا فهي محسومة شرعًا ومبينة في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد ﷺ، أسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الكلمات وأن يجعلها من المدخرات في الحياة وبعد الممات، إنه سميع مجيب الدعوات،
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين.

كيفية مناصرة الداعية للنبي عليه الصلاة و السلام
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد: فإنَّ مكانة النبي عليه الصلاة والسلام في...

كيف نخدم السُّنة النبوية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: منزلة السُّنة النبوية: تعدُّ السُّنة النبوية مصدرًا أساسيًّا...

سب الصحابة رضي الله عنهم «وقفة تأمل»
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسُّنة...

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...

حديث ومعنًى: كل عمل ابن آدم يضاعف
مجلة الإرشاد للحرس الوطني عدد رمضان 1423هـ. يصدر هذا العدد المبارك من مجلة الإرشاد في هذا الشهر المبارك، والمسلم يتطلع...