
سعادة الأستاذ الفاضل/ سلمان بن محمد العُمري، حفظه الله، المدير العام للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إشارة إلى خطابكم المرسل إلى بريدي الإلكتروني برقم (9/21) وتاريخ 4/1/1427هـ إليكم المقالة الثانية «مقاصد الشريعة في الدعوة» حيث سبق إرسال المقالة الأولى عن القدوة في الدعوة.
مدخل:
الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وبعد:
فقد أكمل الله سبحانه وتعالى لنا الدِّين، وأتمَّ علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا، فجاءت الشريعة كاملة، تامة، شاملة لجميع جوانب الحياة كلها، ولجميع متطلبات الإنسان فيها، سهلة ميسورة، محققة أعلى المصالح، ومفعِّلة لها، دارئة المفاسد ومخففة لها، حافظة لضرورات الحياة كلها: الدين والنفس والعرض والمال والعقل، متممة لأعالي الأخلاق ومكارمها، ناشرة لكل فضيلة، محاربة لكل رذيلة، داعية إلى عمارة الكون المسخَّر للإنسان، محذرة من إفساده.
هذه المقاصد العظمى، جاءت الشريعة بضرورة تحقيقها، والسعي إلى ذلك، وبُنيت أصول الشريعة وفروعها عليها، فلا تخالف مقصدًا من هذه المقاصد مهما كانت الأحوال، فسنن الله تعالى في هذا الكون متسقة مع هذه التشريعات الموصلة إلى تلك المقاصد.
الدعوة إلى اللـه ﷻ :
إنَّ من أهمِّ المبادئ لتحقيق الشريعة في الحياة، وتعميق العقيدة في النفوس مبدأ الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وتشمل الدعوة من الكفر إلى الإسلام، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن العمل المفضول إلى العمل الفاضل، ومن كل شرٍّ إلى كل خير، ومن المفاسد إلى المصالح، مع العلم بأنَّ دور الدعاة هو البلاغ والإرشاد وهداية الدلالة فقط، دون هداية القلوب، لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: 56].
بهذا المبدأ العظيم «الدعوة إلى الله تعالى» بُعث محمد ﷺ وأُرسل إلى الناس كافة، بشيرًا ونذيرًا، فحددت معالم دعوته، ومقاصدها العظيمة، التي لا يجوز لمن اتبع محمدًا ﷺ أن يحيد عنها.
وصدق المولى سبحانه وتعالى إذ يقول مخاطبًا عباده المؤمنين:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
[الأنفال: 24]، ويقول سبحانه وتعالى مخاطبًا الناس أجمعين مبينًا أنَّ صلاح دينهم ودنياهم في طاعته واتباع رسله عليهم الصلاة والسلام: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ [النساء: 174 – 175].
من مقاصد الدعوة إلى اللـه تعالى:
أوَّل تلك المقاصد، وأجل تلك الغايات: تحقيق عبودية الله تعالى فوق هذه الأرض: جاء ذلك صريحًا في مواضع من كتاب الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [النحل: 36].
وعلى هذا الأصل والأساس مدار الأمر كله، فدعوة الناس وتقوى الله سبحانه وتعالى وعمل الصالحات، وكل شأن من شؤون المسلم، إنما هو لتحقيق هذه العبودية، وعمارة الكون وفق مراده سبحانه، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [يونس: 61].
وعبادة الله ﷻ تشمل كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، كما عرَّفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ومن أجلِّ مقاصد الشريعة في الدعوة إلى الله تعالى: المحافظة على الضرورات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والعرض، والمال، والعقل، فقد جاءت الشريعة بحفظها، وعليها تقوم حياة الناس.
ولم تحدث الفوضى وينتشر الانحلال في المجتمعات الغربية إلا جراء الإخلال بهذه الضرورات التي تحفظ حياة الناس من الاضطراب والهمجية، فلمَّا قدسوا حرية الرأي –كما يرددون هذه الأيام تعليقًا على تطاولهم على خاتم المرسلين ﷺ – اعتدوا على الأديان وأهدروا احترامها، ولما افتقدوا الإيمان الصحيح افتقدوا الأمان وشاعت الجرائم عندهم، ولما أشاعوا الفوضى الجنسية اختلطت الأنساب ولم يعد من فرق بين نسل الإنسان المحترم، ونسل الحيوانات، إلى غير ذلك من مظاهر الانهيار الاجتماعي والأخلاقي التي لم يُفلح المال والسلطان في تفاديها بسبب إهدار احترام هذه الضرورات، فما أحكمه ﷻ وأعدله وأرأفه بخلقه: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
ومن مقاصد الدعوة إلى الله ﷻ ما يلي:
نشر الفضيلة والخير ومكارم الأخلاق:
لقد جعل الله ﷻ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب الخيرية والنجاة، فقال سبحانه: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال جل وعلا في قصة أصحاب السبت: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 165].
كما جاء في السُّنة المطهرة ما يؤكد الأهمية الشديدة لإشاعة الفضيلة ومكارم الأخلاق، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة ﷻ أنَّ رسول الله ﷺ قال: «بُعثت لأتمم صالح الأخلاق»، وروى الحاكم عن سهل بن سعد أنه قال: «إنَّ الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها»، بل جاء الترغيب الشديد الذي يؤكد هذه الأهمية في أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو ﷻ أنَّ رسول الله ﷺ قال: «خياركم أحاسنكم أخلاقًا»، وعند الطبراني عن ابن عمر ﷻ عنه ﷺ : «خير الناس أحسنهم خلقًا»، إلى غيرها من الأحاديث الكثيرة الصحيحة المشهورة.
رعاية مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم:
فبهذا تكون عمارة الكون كما أراد الله سبحانه، بعيدًا عن الأهواء المُضلَّة، وحماية المجتمع من الفساد والانحراف، ومن ذلك: تحريم الربا الذي يؤدي إلى ظلم الناس وتحميلهم ما لا طاقة لهم به جراء جشع المرابين، وكذلك النهي عن الرشوة التي تُعين على الظلم وضياع الأمانة والعدل بين الناس، وقد جاءت الشريعة بعامة بالنهي عن الإضرار بالآخرين، فالضرر يزال، ولا ضرر ولا ضرار، وسدُّ الذرائع المفضية إلى الشرِّ والفساد مقدَّم على جلب المصالح، وفق ضوابط يُرجع فيها إلى العلماء والفقهاء.
كما جاءت الشريعة بالنهي عن الغلو في الدين والتنطع، فقال ﷺ : «هلك المتنطعون» وكرَّرها ثلاثًا، كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود ﷻ، وما ذاك إلا لعظيم خطر الغلو في تنفير الناس، وانحراف الغلاة عن صراط الحق بأهوائهم، كما جرى للخوارج قديمًا، وكما نرى في أحداث العنف والتفجير المعاصرة التي روعت الآمنين ولم يسلم من شرها الموحدون.
وقد شدَّد رسول الهدى النكير والوعيد على هؤلاء، ووصفهم حتى يحذر الناس منهم، فقال ﷺ كما في البخاري عن عليٍّ ﷻ: «يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة».
فمن هذا كله نفهم أنَّ من أهمِّ مقاصد الشريعة في الدعوة إلى الله تعالى: المحافظة على المصالح العامة والسعي إلى تكثيرها ونشرها، وإزالة المفاسد والتخفيف منها.
هداية الناس وإرشادهم:
وهذا من أظهر مقاصد الشريعة، وهو دعوة الناس إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، كما قال الله سبحانه وتعالى وأوجب ذلك: ﴿ﮖوَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]. وبيَّن رسوله ﷺ حاله والدعاة من بعده في ذلك فيما رواه عنه أبو هريرة ﷻ، فقال النبي ﷺ : «مثلي كمثل رجل استوقد نارًا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فذلك مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار، فتغلبونني فتقتحمون فيها».
فمن مقاصد الشريعة: طلب هداية الناس ونقلهم من الضَّلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإسلام، ومن المعصية إلى الطاعة، قال سبحانه وتعالى: ﴿ﭤ ﭥ﴾ [الأعراف: 164].
البلاغ والإعذار إلى الله تعالى:
قال الله ﷻ: ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: 116 – 117]. فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّ تبليغ دعوته والنهي عن الفساد في الأرض من أسباب النجاة للدعاة والناس أجمعين.
وفي قصَّة أصحاب السبت قال ﷻ: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الأعراف: 164 – 165].
فهنا بيَّن الدعاة أن في دعوتهم ونهيهم إعذارًا إلى الله تعالى حتى ولو استبعد بعض الناس هداية المدعوين.
كما أنَّ لدى الدُّعاة الأمل في حصول هدايتهم، فكان جزاء هؤلاء الدعاة الناهين للمعتدين في السبت هو النجاة، بخلاف المعتدين المصرِّين الذي لحقهم العذاب، وأما الساكتون عن النهي فاختُلف في تحديد مآلهم، فقيل: نجوا لأنهم لم يعتدوا مثل المعتدين، وقيل: لحقهم العذاب لسكوتهم عن النهي، وقيل: سُكت عن بيان حالهم جزاء سكوتهم عن النهي.
ضوابط في التعامل مع المقاصد:
من المهمِّ أن يراعي الدعاة في عملهم ودعوتهم وفق هذه المقاصد، وسعيًا إلى تحقيقها، أمورًا مهمة، منها ما يلي:
شرعية الأسباب المستخدمة في الدعوة:
لا يصح في شرعنا أن يقال: «الغاية تبرر الوسيلة» على إطلاقها، بل إن حسن الغاية يقتضي حسن الوسيلة، وإلا وقع التناقض، فالشرع يهيمن على الغايات والوسائل جميعًا.
فلا يسوغ مثلًا للداعي من أجل دعوة قوم عصاة أن يشاركهم في بعض مخالفاتهم بدعوى تأليف قلوبهم! أو أن تختلط امرأة برجال أجانب عنها بدعوى وعظهم ودعوتهم! وكذا ارتكاب كل منهي عنه في سبيل دعوة أو توجيه.
والشرعية تُستمد من المصدر الأساسي وهو القرآن الكريم والسُّنة المطهرة القولية والفعلية.
السلامة من الانحراف:
والضابط في ذلك هو اتباع القرآن الكريم والسُّنة المطهرة، فالوحي هو السبيل الأوحد لتحقيق مقاصد الشريعة والدعوة، روى الحاكم عن أبي هريرة ﷻ أنَّ رسول الله ﷺ قال: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسُنتي، ولن يتفرقا حتى يَرِدا علَيَّ الحوض».
ولهذا ينبغي للدعاة الحذر وتحذير الناس من المناهج المنحرفة والأهواء البعيدة عن كتاب الله وسنة نبيه ﷻ، وقد سبق قبل قليل حديث النبي ﷺ الذي أشار فيه إلى أقوام «يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية!».
وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ﷻ -واصفًا حال أقوام عاصرهم من هؤلاء-: «كم من مريد للخير لن يصيبه»، فلن يتحقق لمريد الخير مبتغاه بمجرد إرادته حتى يضم إلى ذلك اتباع رسول الهُدَى ﷺ، ونبذ الأهواء المضلة.
تحرير المقاصد ووضوحها:
فحتى تؤتي الدعوة ثمارها وتتحقق مقاصدها بإذن الله تعالى؛ لا بد من تحرير المقاصد ووضوحها، وعدم إغفال المتغيرات والمستجدات والنوازل، فمما يعين الدعاة في نجاح دعوتهم: الواقعية في تناول الدين.
فلا يصح أن يغفل الدعاة واقع الناس وتطورات الحياة؛ فإنَّ دين الله ﷻ صالح لكلِّ زمان ومكان، وقد أتى بتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها؛ لذا ينبغي للدعاة مراعاة المتغيرات والمستجدات، وعدم التضييق على الناس وعدم تنفيرهم؛ متأسين برسول الهُدى ﷺ في ذلك الذي: ما خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، وفي هذا ميزان دقيق للدعاة.
كما يجب على الدعاة –وهم يأخذون بأيدي الناس إلى صلاح دينهم وعمارة دنياهم– ربط قلوبهم بالمولى سبحانه وتعالى، وتشويقهم إلى جنته، وحثُّهم على ابتغاء وجهه سبحانه وتعالى، واتباع سنة نبيه ﷺ في كل أقوالهم وأفعالهم، وأحوالهم.
الحذر من انحراف المقصد والغاية:
ولعلَّ من حسن الختام تحذير الداعية من انحراف مقاصده عن مراد الله تعالى، إلى تحقيق مصالح شخصية، أو اتباع هوًى، انتصارًا لرأي شخصي، أو لطلب دنيا.
وهذه ونحوها قد تُردي الداعية وتوقعه إلى الهاوية، والعياذ بالله، فالدعوة –وهي من أشرف الأعمال وأزكاها– جدير بمن يرفع لواءها أن يحذر مما يغلب على النفس وينحرف بها عن الجادة.
وفق الله الدعاة إلى الله في دعوتهم، وسدد خطاهم، وأيَّدهم بتوفيقه وهداه، إنه نعم المولى ونعم النصير، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كيفية مناصرة الداعية للنبي عليه الصلاة و السلام
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد: فإنَّ مكانة النبي عليه الصلاة والسلام في...

كيف نخدم السُّنة النبوية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: منزلة السُّنة النبوية: تعدُّ السُّنة النبوية مصدرًا أساسيًّا...

سب الصحابة رضي الله عنهم «وقفة تأمل»
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسُّنة...

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...

حديث ومعنًى: كل عمل ابن آدم يضاعف
مجلة الإرشاد للحرس الوطني عدد رمضان 1423هـ. يصدر هذا العدد المبارك من مجلة الإرشاد في هذا الشهر المبارك، والمسلم يتطلع...