
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإنَّ الله سبحانه قد حثَّ في كتابه الكريم على أخلاق حسنة وسلوك طيب وحذَّر من سلوك سيئ وخلق غير سوي، ومما أمرنا الله سبحانه من سلوك طيب صلة الرحم، وحذَّرنا من قطع الرحم بأي شكل كان، صلة الرحم، فهي مما يقرره جميع الشرائع السماوية بل جميع الديانات.
إنَّ الله سبحانه قد امتدح الذين يصلون أرحامهم في تسع عشرة آية من كتابه الكريم، وذم ولعن وتوعد بالعذاب لمن يقطع الرحم في ثلاث آيات، ووصف الله تعالى واصل الرحم بأنه يخشى ربه ويخاف سوء الحساب ويصبر ويقيم الصلاة وينفق مما رزقه الله، ووصف قاطع الرحم بالفسق وأنه ينقض العهد ويفسد في الأرض.
ولعلَّ من أبرز المعوقات عن صلة الرحم في زماننا هذا: كثرة المشاغل ولهاث المرء وراء حطام الدنيا، فلا يجد وقتًا للقيام بصلة الأرحام لانشغاله في التجارة في جل وقته، ومن الموظفين من وظيفته في الصباح، ولكنه يربط نفسه بوظيفة أخرى في المساء تشغل باقي وقته، فيفرط في حقوق الأهل والأولاد ناهيك عن حقوق الأقارب، ومن الناس من يربط جل وقته مع الأصدقاء، فهو في وقت فراغه مع أصدقائه في الاستراحات والبر والصحاري فلا يجد فرصة حتى للسلام على الأقارب بل على الوالدين الذين حقهما عليه كبير.
ومن الناس من يقطع العلاقة مع الأقارب لأنهم أقل مستوى في المعيشة، ليست عندهم قصور وفلل وسيارات فخمة، فلا يلقي عليهم نظرة عطف وإحسان، ولا يحب أن يجالسهم ويتودد لهم، ومن الناس من يصل أقاربه إن وصلوه ويقطعهم إن قطعوه.
والإسلام قد عالج ظاهرة قطع الرحم بالترغيب والترهيب؛ الترغيب فيما أعد الله من النعيم والدرجات لواصل الرحم، والترهيب مما أعد الله من العذاب والنكال لقاطع الرحم في الدنيا والآخرة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال فذاك لك، ثم قال رسول الله ﷺ: اقرؤوا إن شئتم ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ ۞ أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22 – 23]» وقال ﷺ: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه»، والذي يعتذر بكثرة مشاغله ليتذكر رسوله ﷺ والخلفاء الراشدين هل منعتهم كثرة مشاغلهم من أداء حقوق الأقارب بالزيارة والإهداء ودفع الضر عنهم وسدِّ حاجاتهم بالمال، والذي لا يصل أقاربه إلا إذا وصلوه يقرأ حديث الرسول ﷺ يقول: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها»، لأنه يصل قرابته لله، ولا يبالي هل وصلوه أم لا، ومن شكر النعم الحديثة التي منَّ الله ﷻ بها علينا من وسائل الاتصال والنقل الحديثة أن نستخدمها في طاعته ﷻ ومن ذلك صلة الرحم، ولو لم يكن في صلة الرحم إلا أن الله يصل الواصل في الدنيا والآخرة بالرحمة وتيسير الأمور له وتفريج الكربات عنه لكفى بذلك فضلًا، وأقل درجات الصلة زيارتهم والسلام عليهم، قال النبي ﷺ : «صلوا أرحامكم ولو بالسلام».
هذا وأسأل الله أن يوفقنا لأداء حقوق الآخرين، ويجعل شعارنا التعاون والتناصر والتعاضد فيما بيننا، إنه سميع قريب، وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كيفية مناصرة الداعية للنبي عليه الصلاة و السلام
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد: فإنَّ مكانة النبي عليه الصلاة والسلام في...

كيف نخدم السُّنة النبوية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: منزلة السُّنة النبوية: تعدُّ السُّنة النبوية مصدرًا أساسيًّا...

سب الصحابة رضي الله عنهم «وقفة تأمل»
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسُّنة...

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...

حديث ومعنًى: كل عمل ابن آدم يضاعف
مجلة الإرشاد للحرس الوطني عدد رمضان 1423هـ. يصدر هذا العدد المبارك من مجلة الإرشاد في هذا الشهر المبارك، والمسلم يتطلع...