
جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية
الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله، وبعد:
فقد قَدَّر الله تعالى أن أشارك في اللجنة العلمية في الأسبوع المنصرم لجائزة الأمير نايف بن عبد العزيز العالمية، ووافق هذا الاجتماع الأيام الأولى لافتتاح موقع شبكة السنة النبوية وعلومها، ويطيب لي –وأهداف الجائزة والموقع تسير في اتجاه واحد- أن أسطر هذه الكلمات.
مبادرة مباركة:
نعم إنها مبادرة مباركة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله، حين أعلن إنشاء هذا الميدان العلمي الرحب الذي هو ساحة مفتوحة لأهل العلم ليتنافسوا فيها ويبادروا إلى الاجتهاد في كتابة البحوث العلمية حول السُّنة النبوية والدراسات الإسلامية الأخرى، فقد أصبحت هذه الجائزة من الصروح العلمية المعروفة في العالم الإسلامي رغم أنها حديثة الميلاد، حيث لم يتجاوز عمرها أربعة أعوام، ولكنها قدَّمت خلال هذه الفترة الوجيزة أعمالًا ودراسات وخدمات للسُّنة النبوية فاقت عمرها الزمني بكثير حيث بلغت البحوث المقدمة أكثر من ألف بحث علمي في السُّنة النبوية والدراسات الإسلامية، ولا شك أن هذا يدل على مدى الاهتمام والرعاية بهذه الجائزة المباركة، كما يدل على الجدِّية التي تتوِّجها من كل جانب.
وتدخل هذه المبادرة المباركة ضمن الأعمال الصالحة التي حثَّ عليها الإسلام، بل إنَّها تأتي في مقدمة هذه الأعمال وأعظمها، لأنها تخدم السُّنة النبوية التي تعدُّ مصدرًا أساسيًّا من المصادر الأساسية في التشريع الإسلامي، وهو شرف كبير ومنحة عظيمة لا يُلقَّاها إلَّا ذو حظ عظيم من الله عز وجل.
وهذه المبادرة الطيبة دليل على حرص سموه الشديد على سنة المصطفى ونشرها والذود عنها بالبحوث والدراسات العلمية الدقيقة والمتينة، حيث إنها تستقبل مثل هذه البحوث والدراسات من أهل العلم والمختصين من جميع أنحاء العالم، فهي لا تقتصر على أهل بلد دون آخر، وإنما تشمل المسلمين كافة؛ لذا فإن ما تقدمه هذه الجائزة من البحوث العلمية المتعلقة بالسُّنة النبوية تكون ذات طابع علمي مكين.
- كما أنَّ هذه المبادرة الميمونة تدل على محبة الرسول عليه الصلاة والسلام ومودته، بصورة عملية وواقعية، لأن فيها دعوة إلى الكتابة عن السنة النبوية ونشرها بالمنهج العلمي الصحيح، ودعوة إلى الحفاظ عليها وحمايتها من الدس والتبديل، كما فيها دعوة إلى اتِّباع صاحب هذه السنة عليه الصلاة والسلام في أقواله وأفعاله، يقول عليه الصلاة والسلام: «نضَّر الله امرأً سَمِع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرُب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
أهمية السنة النبوية:
ولعلَّ من المفيد في هذا المقام الإشارة السريعة إلى أهمية السنة النبوية ومكانتها في التشريع الإسلامي، لإدراك قيمة هذه الجائزة وأثرها وعظم أجرها عند الله تعالى من خلال النقاط الآتية:
- السُّنة النبوية هي مصدر أساسي للتشريع الإسلامي، وقد جاء الأمر الإلهي باتباعها واتِّباع صاحبها عليه الصلاة والسلام بقوله: ﴿ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7].
- السُّنة النبوية تضع المنهاج الكامل للحياة كلها، فتسعد البشرية دنيا وآخرة.
- وكذا فإنَّ السُّنة تضع المنهاج لحياة الدعة والعالم يسير في دعوته على منهاج صحيح.
- تُعدُّ السنة النبوية مفسرة لمبهم القرآن الكريم ومجمله، فعلى سبيل المثال لولا السُّنة النبوية لما عرف المؤمنون أوقات الصلوات وكيفية أدائها وعدد ركعاتها، لأنها جاءت في القرآن مجملة، حتى أوضحت السُّنة ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي». وكذلك الحال بالنسبة لسائر الأركان والفروض والأحكام.
- السنة النبوية هي الترجمة العملية للقرآن الكريم، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يجسد القرآن على الأرض قولًا وعملًا، سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت: «كان خلقه القرآن».
- السنة النبوية جاءت مكملة للقرآن الكريم في كثير من الأحكام والأحداث والحالات التي لم يرد فيها نص قرآني.
هي سُنة حسنة:
تعدُّ هذه الجائزة المباركة من السُّنن الحسنة التي حثَّ عليها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: «من سَنَّ في الإسلام سُنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء».
وهذه السُّنة الحسنة تعطي مساحات واسعة من الحرية لأولي الألباب من أصحاب العلم والفكر ليبدعوا ويقدموا أفضل الدراسات والبحوث حول السُّنة النبوية والميادين العلمية الأخرى، فمثل هذه الجوائز وبهذا الحجم من العناية والريادة تنافس أحيانًا بعض الميادين العلمية الأخرى كالجامعات والمعاهد، لا سيما في التخصص الذي أنشئت له، كحال هذه الجائزة المتخصصة في السُّنة النبوية والدراسات الإسلامية، لأن جلَّ نشاطها وحركتها تتركز في هذه الجوانب فحسب.
وهنا لا بد من ضرورة الاقتداء والاحتذاء بمثل هذه الأفكار والمشروعات العلمية العظيمة التي تُثري الساحة العلمية وتدعم المهارات العقلية والملكات الإبداعية عند أبناء الأمة، وهي فرصة في هذه الحياة لمن يملك القدرة من المال والعلم والقدرات أن يبادر إلى إنشاء مثل هذه المنارات في الميادين الأخرى، وعلى المستويات المختلفة، إذ ليس من الضروري أن تنحصر مثل هذه المشروعات في المستويات العلمية والأكاديمية العليا، ولكن ينبغي إيجادها في المراحل التعليمية كلها، حتى يتولد الإبداع عند المسلمين مبكرًا وتتمكن الجدية والإخلاص من نفوسهم وهم في مراحل الطفولة والشباب، وبذلك تكون الأمة قد صنعت نقلة حضارية مميزة.
وكما قال شوقي:
فعلِّم ما استطعتَ، لعلّ جيلًا سيأتي يُحدثُ العَجَبَ العُجابا
ولا تُرهقْ شاب الحيِّ يأسًا فإن اليأس يخترمُ الشباب
أثر هذه الجائزة:
وأحسَب أن لهذه الجائزة المباركة آثارًا عظيمة في حياة الأمة في حاضرها ومستقبلها، منها:
- أنها سبب لحفظ السُّنة النبوية من الضياع والتبديل والتحريف، وذلك من خلال تهيئة الأسباب الكفيلة بذلك، من الحض والحثِّ على كتابة البحوث العلمية التي تخص السُّنة النبوية وتخدمها في جميع الميادين، ومنح المكافآت السخية لأصحابها سواء كانت مادية أو معنوية.
- أنها وسيلة مباركة لإحياء روح التنافس الخيِّر بين أهل العلم والمختصين في السنة النبوية، فقد مدح الله المؤمنين الذين يسارعون في الخيرات بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون: 61].
- أنها تبعث في الأمة روح الإبداع والاجتهاد، حين تفتح أبوابها أمام الباحثين والمختصين في السُّنة النبوية، ليقدموا أفضل البحوث والدراسات والمقترحات حول السُّنة النبوية وخدمتها.
- هي أسلوب دعوي فاعل وحكيم يساند الميادين الدعوية الأخرى، ويعمل بمقتضى قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125].
- هذه الجائزة تسهم في تقريب السُّنة النبوية المباركة من الناس جميعًا بمختلف طبقاتهم ومستوياتهم العلمية.
- هي حصن منيع تتحطم على أسواره جميع الشبهات والأباطيل التي تثيرها المؤسسات الغربية وأعوانها حول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام والسُّنة النبوية المباركة.
شكر لا بد منه:
وأخيرًا، لابد من حمد الله تعالى وشكره على نعمائه وآلائه التي لا تعد ولا تحصى: على نعمة الإيمان ونعمة خدمة هذا الدين، وأنه تعالى قد هيأ الأسباب الكثيرة والكفيلة للأمة لحماية هذا الدين ومصادره من التحريف والتبديل، وهو القائل سبحانه وتعالى في محكم كتابه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].
ثم الشكر له تعالى على ما متَّع به هذه البلاد المباركة عن غيرها من البقاع من مواطن للخير والبِرِّ، حيث تعج جميع مناطقها بدُور العلم المختلفة، سواء العلوم الشرعية كالجامعات والمعاهد والمدارس والمراكز الخاصة لحفظ كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، أو في العلوم التجريبية والتطبيقية، وكذلك التشجيع الدائم والدعم المتواصل من أولياء الأمور لهذه الدُّور والمراكز ومتابعتهم لها وجعلها من أولويات أعمالهم.
وهذا يتطلب من جميع أبناء الأمة الإسهام مع أولياء الأمور في دفع المسيرة العلمية في هذه البلاد نحو الأمام وحمايتها بكل الوسائل والإمكانات، لأنها تخدم قيم الأمة وثوابتها كما تخدم وجودها وبقاءها على أسس علمية وقواعد حضارية.
كما يتطلب من سائر القادرين على البحث والكتابة من المختصين أن يشمروا عن ساعد الجد ليكتبوا ويسهموا في هذا المضمار فهو خير يجدون أثره في الدنيا والآخرة، وفرصة لم تمنح لغيرهم، فالله الله ألا تفوت الفرصة.
ونحن -المختصين بالسنة النبوية بخاصة والباحثين بعلوم الشريعة بعامة- نشعر بالفخر والاعتزاز بوجود هذه الجائزة العالمية الرحبة في ميادينها المختلفة، فجزى الله راعيها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود خير الجزاء، وجعل هذه الجائزة رصيدًا مضاعفًا له في الدنيا والآخرة وبركة له في الحياة وذخرًا له بعد الممات وحسنة لا ينقطع أجرها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محبة آل بيت النبي
من الخير لكل مجتمع أن يعيش بقدر ما يستطيع في الدائرة الإيجابية التي ينمو من خلالها، ومن ذلك إشاعة مصطلحات هذه الإيجابية، كالمحبة، والخير، والسماحة، والعفو، والصفح، وحسن الظن، والرحمة، والفضيلة، والكرم، والتواضع، فينشأ منها نشر التحابِّ بين الناس، والتصافح، ومحو الزلل، وإقالة العثرات، ونشر الفضائل، والتراحم، والعطف، والبذل في وجوه الخير، والاحترام المتبادل، والأخوة الصادقة، وحينئذ تختفي أو تخف المصطلحات السلبية من الحقد والبغضاء، وسوء الظن، وخبث الطوية، والكُرْهِ، والتناحر، والشقاق والنزاع، واختلاف الكلمة ونحو ذلك.
ولا يشك عاقل في أن هذه الفكرة العظيمة من أهم المهمات التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام، وحث عليها، ورغب فيها، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وكان كذلك عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159] ويؤكد عليه الصلاة والسلام هذه الفكرة العميقة بقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وغير ذلك من النصوص التي لا تُحصى كثرة في هذا الباب.
ولعلِّي بعد ذلك انطلق من هذه الفكرة العامة إلى بعض الأفكار الخاصة المنبثقة منها، وبالأخص ما شابَهُ بعض الشوائب بتلبيسِ مُلبِّس، أو جهل جاهل، أو حقد حاقد ليشوش على المسلمين تلك المعاني الإيجابية الجميلة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يعيش المسلمين في ظلالها.
وإنَّ من أهم ما حاول فيه أعداء الإسلام تلبيسه على عموم المسلمين عدة أمور، أخص بالذكر منها ما يلي:
- أنَّ هذا الدين دين العنف والقسوة والهمجية والإرهاب، لأي سبب من الأسباب، وهذا يحتاج إلى مقالات مستقلة منفردة نسأل الله أن ييسرها.
- أنَّ كثيرًا من أبناء المسلمين لُبِّس عليهم أنَّ المسلمين وأهل هذه البلاد بخاصة يبغضون آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ولا يحبونهم، وهنا يعجب المرء من مثل هذه المقولات، وكنت أظن أن هذا يُرد بمجرد قراءته إذا إن الأمهات أرضعن أبناءهن وبناتهن حب آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام في صلاتهم اليومية فالمسلم يصلي ويقول في صلاته في كل تشهد: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ويزداد العجب كلَّما تقدم الطالب والطالبة في التعليم ليقرأ ويتربى على ما سطرته تلك المناهج التعليمية وبالأخص في مقرر العقيدة من حب النبي عليه الصلاة والسلام، وحب آل بيته، وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين، ولكن كم يأسف المسلم عندما يقرأ أو يسمع تلبيسًا حول هذه المعاني والمفاهيم.
ولذا من الخير أن يجلَّى هذا المفهوم –وبخاصة في هذا الموقع– الذي حمل على عاتقه تجلية المفاهيم التي يعلوها الغبش أو تحتاج إلى تفصيل، ولعل ذلك يكون في نقاط محددة:
الأولى: أنَّ حب النبي عليه الصلاة والسلام عقيدة نعتقدها، ونسأل الله تعالى أن يبلغنا ثمرة ذلك في الدنيا والآخرة وقد أوضحنا ذلك في أكثر من مناسبة، ولكن ذكرها هنا لمناسبة الموضوع.
الثانية: أنَّ محبة آل البيت الذين هم على الراجح من أقوال أهل العلم: بنو هاشم، وبنو المطلب وأزواج النبي عليه الصلاة والسلام من عقيدة أهل السُّنة والجماعة، وتضافرت عليها الأدلة من القرآن الكريم والسُّنة المطهرة.
وأقوال أئمة الإسلام على مدى التاريخ إلى يومنا الحاضر، ولهم حقوق وواجبات، جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه في حديث طويل: «أذكركم الله في أهل بيتي» قالها ثلاثًا، وقد أوجب النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة عليهم معه كما جاء في الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
وعلى هذا المبدأ -أعني محبة آل بيت النبي -عليه الصلاة والسلام سار أئمة الإسلام وتضافرت أقوالهم بذلك، وشدتهم على من أبغضهم يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه:
يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه عن الذين يبغضون أهل البيت ويعادونهم، فقال: «مَن أبغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا».
ويقول الإمام الذهبي رضي الله عنه: «من تعرض للإمام علي رضي الله عنه بذمٍّ فهو ناصبي يعزَّر، فإن كفَّره فهو خارجي مارق».
والنقول في هذا المعنى كثيرة لا تحصر، ولكن حسبنا الإشارة إلى ما يدل على المقصود، فهل بعد هذا يمكن لمتقوِّل أن ينسب لمسلم بغضه لآل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
الثالثة: وأشدُّ من ذلك من حاول أن يفرق بين آل البيت والصحابة رضوان الله على الجميع، ولا شكَّ أن هذه وسيلة من أعداء الإسلام ليبقى المسلمون في صراعات لا طائل تحتها.
وإلا فمن يقرأ التاريخ يرى عيانًا رَأيَ الشمس في رابعة النهار قوة التلاحم بين آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام وبين عامة الصحابة، وبخاصة الخلفاء الراشدين، ومن أقوى صور التلاحم:
- التزاوج بينهم.
- التسمي بأسمائهم.
فضلًا على الرواية الحديثية بينهم والهدايا والصلات وغيرها.
وأشير هنا إلى إشارات في المصاهرة، وإلا فالبحث يطول: فقد تزوَّج الإمام عليٌّ رضي الله عنه أسماء بنت عميس الخثعمية بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأمَّا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد تزوج أم كلثوم بنت عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه وولدت له زيدًا ورُقَيَّة، وأما الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد تزوج رقية بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما ماتت والمسلمون ببدر تزوج ابنته الثانية أم كلثوم رضي الله عنها ولذلك لُقِّب بذي النورين.
وعبد الله بن الزبير بن العوام تزوَّج أم الحسن نفيسة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب، وبقيت معه حتى قُتل، وهكذا استمرت سلسلة المصاهرات بين آل البيت وعموم الصحابة رضي الله عنهم.
وأمَّا التسميات فيكفي أن الإمام عليٌّ رضي الله عنه سمى أحد أبنائه أبا بكر، والحسن بن علي سمى أحد أبنائه أبا بكر، وكلاهما قُتلا مع الحسين رضي الله عنه في كربلاء.
كما سمى عليٌّ رضي الله عنه أحد أبنائه عمر، وهو أحد رواة الحديث الثقات، وعمر هذا له حفيد اسمه عمر بن محمد بن عمر بن عليِّ بن أبي طالب، كما سمى الحسن بن عليٍّ أحد أبنائه عمر بن الحسن وقُتل مع عمه الحسين في كربلاء.
وهكذا زين العابدين عليُّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب سمى ابنًا له عمر بن عليِّ بن الحسين رضي الله عن الجميع، وأما اسم عثمان فيكفي أن الإمام عليًّا رضي الله عنه سمى أحد أبنائه عثمان.
والتاريخ مليء بالشواهد أكثر من أن تحصر، وهذه التسميات من أكبر الشواهد على قوة التلاحم بين آل البيت وعامة الصحابة رضوان الله عن الجميع، فهل نستسلم لأعداء الإسلام ليتهموا السلف والخلف ببغض آل البيت أو بفرضية الانفصال بينهم وبين الصحابة رضوان الله عليهم؟!
على المسلم الحق أن يتبصر بدينه وعقيدته الواضحة ويبرهن على حبه للنبي عليه الصلاة والسلام وآل بيته وصحابته رضي الله عنهم، وجمعنا بهم وكفانا شر الحاقدين والحاسدين.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إنَّ محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام من الأمور العقدية التي تحدد حقيقة الإيمان لدى الإنسان، فمن أهم مقتضيات هذا الإيمان واكتماله: محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».
كما يجب أن تعلو هذه المحبة فوق كل المصالح والمتاع من الأموال والأزواج والبنين، لقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]. ويؤكد عليه الصلاة والسلام هذا الأمر بقوله: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار». وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي عليه الصلاة والسلام: لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه»، فقال عمر: والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إليَّ من نفسي التي بين جنبي، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «الآن يا عمر».
وتتجلى محبة النبي عليه الصلاة والسلام في اتباعه والعمل بما جاء به من كتاب الله تعالى وسُنته، كما يعلو هذا الحب في محبة شخصه عليه الصلاة والسلام من القلب والدفاع عنه بكل غالٍ ونفيس، يقول تعالى: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31].
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم أول من حققوا هذا الحب على الأرض، والأحداث شاهدة على ذلك، فهذا أبو بكر رضي الله عنه يحرسه من جميع الجهات في أثناء الهجرة إلى المدينة، وذاك أنس بن النضر رضي الله عنه يتلقى الطعنات والضربات في غزوة أحد حتى لا يصيبه أذًى عليه الصلاة والسلام، وكذلك أم عمارة رضي الله عنها التي كانت تحمي النبي عليه الصلاة والسلام من جميع الأطراف.
ولعلَّ الموقف العظيم الذي سجله الصحابي الجليل زيد بن الدثنة حين أُسر وقُدم ليُقتل، قال له أبو سفيان: أنشدك الله يا زيد، أتحبُّ أن محمدًا عندنا الآن مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك! قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في
أهلي. فقال أبو سفيان: ما رأيت في الناس أحدًا يحب أحدًا كحبِّ أصحاب محمد محمدًا. وكيف لا يصل الحب إلى هذا المستوى وهو النبي الهادي عليه الصلاة والسلام الذي أُرسل لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهو النبي الرحيم الذي أحبَّ أصحابه وأمته وجعل من نفسه وليًّا على كل فرد منهم بقوله: «أنا أولىَ بكل مؤمن من نفسه». ويقول الله تعالى عن هذا الحب والرحمة والحرص: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].
حـبي نـبي الـهدى ديـني وإيمانـي يسمو بنفسي على الدنيا وزخرفها وتخشع النفس في محراب سيرته هذي الجوارح بالتسبيح لاهجة وبالصلاة على المختار من مضر هو المقدم في نفسي على نفسي وكيف لا تعتلي قلبي مـحبتـه هـو السراج المنير في الورى أبدًا هو الأعزُّ الذي رقا السماء سَنًا هو الأعـزُّ ومن يشنأ أياديَـه يا أيها النور ما لا ينطفي أبـدًا نفسي الفداءُ لعرض أنت صاحبه |
يسري مع الدم يـحيي نبض شريانـي وهو السلام على روحي ووجدانـي فأذرفُ الدمعَ من شوق وتـحنـان تسبِّح الله في سـري وإعـلانـي ما دام للوُرق سجع فوق أغصـان وأهل بيتـي وأحبابـي وخلانـي ونـوره فـي العُـلا عـامٌّ ببرهان أعزُّ –وهو الهدى– من كل سلطان وحـاز منزلـة لـم يرقَـهـا دانِ عاش الحياة ذليل القـدر والشـانِ مهمـا العِـدا حاولوا كفرًا بإمعان برئت من إفكهم من كل بـهتـانِ |
ويمكن أن أذكر هنا أهم النقاط التي تنبني على حبه عليه الصلاة والسلام، حتى لا يكون حبنا له عليه الصلاة والسلام ادعاءً قوليًّا، أو حركة عاطفية غير متوازنة، نحبه – كما أسلفت – أمر عقدي يجب أن يستقر في القلوب، ويترجم في الواقع إلى سلوك عملي تقوم به الجوارح:
- الإيمان به: بأنه رسول من عند الله تعالى إلى الناس كافة، جاء بدعوة التوحيد بشيرًا ونذيرًا ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، قال تعالى: ﴿ الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم: 1].
- الصلاة والسلام عليه: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]. والصلاة عليه واجبة في أثناء الصلاة، وكذلك عند ذكره، ومندوبة في مواضع كثيرة في الصباح والمساء، وفي كل مجلس، وبعد الأذان ويستحب الإكثار منها يوم الجمعة، يقول عليه الصلاة والسلام: «من صلَّى علَيَّ واحدة صلَّى الله عليه عشرًا». ويقول في حديث آخر: «البخيل الذي ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ».
- محبته عليه الصلاة والسلام محبة تفوق محبتنا لأنفسنا وآبائنا وأمهاتنا وأولادنا وأزواجنا، وكل ما نملك، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، بحيث تكون هذه المحبة واقعًا عمليًّا تظهر آثارها في السلوك والتعامل والأخلاق.
- طاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر: لقوله تعالى: ﴿ مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7]. وقوله سبحانه: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: 132]. وطاعته عليه الصلاة والسلام من أهمِّ دلالات محبته، وعدا ذلك يكون محض ادِّعاء وكلام.
- الرضا بحكمه عليه الصلاة والسلام وبشرعه والوقوف عند حدود شريعته، وتحكيم سنته، والتحاكم إليها في جميع الأحوال؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]. وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59].
- نشر سنته عليه الصلاة والسلام، والذبُّ عنها لقوله عليه الصلاة والسلام: «نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»، لا سيما في هذا العصر الذي يتعرض فيه عليه الصلاة والسلام وسنته لأشرس حملات التشويه والتزوير.
- محبة أصحابه: وهذه من مستلزمات حقوقه عليه الصلاة والسلام على أمته: وذلك بتوقيرهم والترضي عنهم، وعدم الإساءة إليهم أو الانتقاص من شأنهم، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»، والانتقاص من شأن الصحابة يعني الطعن في الدين والتشكيك فيه، لأنهم الذين نشروا هذا الدين، ونقلوه لنا بالصورة التي عليه الآن. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...

حديث ومعنًى: كل عمل ابن آدم يضاعف
مجلة الإرشاد للحرس الوطني عدد رمضان 1423هـ. يصدر هذا العدد المبارك من مجلة الإرشاد في هذا الشهر المبارك، والمسلم يتطلع...

جهاد المرأة: حديث ومعنًى
حديثنا هذا العدد يدور حول جهاد المرأة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلتُ: يا رسول الله!...

حديث ومعنًى: فضائل تنفيس الكروب وآثارها
الحمد لله المنعم، والصلاة والسلام على النبي المعلِّم، صلَّى الله عليه وآله وسلم، وبعد: فهذه وقفات مع حديث «من نفَّس...

حديث ومعنًى: «حقوق المسلم الستة»
روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول:...