home-icon
الحديث الموضوعي: تعريفه نشأته أهميته

التعريف: هو علم يتم فيه جمع الأحاديث الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام في موضوع واحد من موضوعات السُّنة النبوية، وترتيبها وتخريجها ودراسة أسانيدها والحكم عليها ودراسة متونها بشرح غريبها وذكر معانيها وما يُستنبط منها من مسائل فقهية أو عقدية أو سلوكية، فعلم الحديث الموضوعي يتضمن ما يلي:

  • جمع الأحاديث المتعلقة بموضوع معين.
  • ترتيبها تحت عناوين جانبية.
  • ذكر من رواها من أئمة الحديث (عزوها إلى من أخرجها).
  • دراسة أسانيدها لمعرفة حال رواتها.
  • الحكم عليها من الصحة والضعف إن لم يكن الحديث في الصحيحين أو أحدهما.
  • شرح الكلمات الغريبة فيها.
  • ذكر الفوائد والأحكام الفقهية المستنبطة منها.
  • استخراج المعاني الجليلة لحلِّ النوازل والمشكلات العصرية في ضوئها.
  • الرد على شبهات المبتدعة والمستشرقين والمستغربين وغيرهم الذين يثيرون شبهات حول تلك الأحاديث قديمًا وحديثًا.

نشأة علم الحديث وتاريخه:

تسمية هذا العلم جديدة، وإن كانت نشأته قد رافقت مع بداية فن التصنيف في فنون الحديث الأخرى، فعلماء الحديث قديمًا قد صنفوا في موضوعات خاصة مؤلفات كبيرة وأجزاء صغيرة، إلا أن جُلَّ اهتمامهم جمعُ الأحاديث الواردة في موضوع معين وتصنيفها حسب عناوين جانبية وسياقها بأسانيدهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام، دون حكم أو بيان معانيه الفقهية إلا نادرًا، لكنهم كانوا يجمعون معها آثار الصحابة والتابعين، وهو ما يدل على اهتمامهم بالمذاهب الفقهية الموجودة في عصرهم. ونجد جُذُورَ هذا العلم في عهد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فإنَّ صحيفة عمرو بن حزم عبارة عن أهمِّ أحكام الديات، وكذلك صحيفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي كتبها لأنس بن مالك رضي الله عنهم في الزكاة شاملة لأهمِّ أحكامها. وهكذا فعلماء الحديث الشريف اهتموا بجمع الأحاديث وترتيبها على نوعين رئيسين، هما:

  • النوع الأول: بالنظر إلى راوي الحديث من الصحابة ومن دونهم، وهو المراد بالإسناد، فكتب المسانيد والمعاجم والمشيخات وما كتب في أحاديث راوٍ أو أكثر كلها يتعلق بهذا النوع.
  • النوع الثاني: بالنظر إلى متن الحديث الذي هو من قول الرسول عليه الصلاة والسلام أو فعله أو تقريره أو صفته. فمنه: كتب الحديث المعروفة بالجوامع والمصنفات والصحاح والسنن وغيرها. وجميع أنواع كتب الحديث الأخرى مردُّها إلى هذين النوعين. ويتفرع من النوع الثاني هذا علمُ الحديث الموضوعي الذي يهتم فيه المؤلف بجمع أحاديث موضوع معين.

أهمية علم الحديث:

علم الحديث الموضوعي فنٌّ مهمٌّ جدًّا حيث يجد الباحثُ بغيتَه في كتاب واحدٍ، ويعرف فيه الأحاديث والمسائل المتعلقة بها مجموعةً في مؤلف مستقل، وهو يساعد الباحثَ في دراسة الأحاديث سندًا ومتنًا، ومعرفة كمية الأحاديث فيها، وما صحَّ منها وما لم يصح، ومعرفة شرحها ومعناها، وناسخها ومنسوخها، واستخراج المسائل الفقهية وحل النوازل والمعضلات.

قد اهتمَّ علماء الحديث قديمًا بهذا الفن لحاجة المجتمع ولتسهيل حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام للعامَّة والخاصة، فألفوا كتبًا كثيرة خصصوها لموضوع معين مثل كتاب الجهاد لعبد الله بن المبارك (180هـ)، والصلاة والأشربة والزهد كلها للإمام أحمد (241هـ) وجزء في القراءة خلف الإمام والأدب المفرد، وجزء رفع اليدين، كلها للإمام البخاري (256هـ)، والأموال والطهور كلاهما لأبي عبيد القاسم بن سلام وغيره. ومن أشهر من عُرف بكثرة التأليف في موضوع معين قديمًا ابن أبي الدنيا (281هـ)، فله كتبٌ كثيرة ولا سيما في الزهد والرقائق جمع فيها ما يدخل تحت موضوع واحد من الأحاديث مثل إصلاح المال، التوبة، الصمت وأدب اللسان، وغيرها. وقد اعتنى المعاصرون أيضًا بهذا العلم فألفوا فيه كتبًا، ولا سيما طلاب مرحلتي الماجستير والدكتوراه في رسائلهم، فمنها: أحاديث اللعن، وأحاديث الجمعة، وفضائل مكة والمدينة وأحاديث بيوع الغرر وغيرها.

أنواع المؤلفات في علم الحديث:

النوع الأول:

المؤلفات التي جَمَعَتْ أكثرَ من موضوع ورُتِّبت حسب الأبواب والكتب مثل الجوامع والمصنفات، فجامع سفيان الثوري ومعمر بن راشد ومصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة من هذا النوع.

النوع الثاني:

المؤلفات التي جمعت أحاديث موضوع معين أو كتاب أو باب معين نحو كتاب الطهور لأبي عبيد، وجزء القراءة خلف الإمام للبخاري.

النوع الثالث:

الكتب التي تناولت دراسة حديث واحد بجمع طرقها وشرح معانيها. مثل شرح حديث بريرة، وشرح حديث: «يا أبا عمير ما فعل النغير» ولابن رجب الحنبلي كتب كثيرة اهتم فيها بشرح وافٍ مفيدٍ للأحاديث التي شرحها في أجزاء مفردة.

ومن المؤلفات المعاصرة في هذا الموضوع كتاب في حديث: «نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها» للشيخ عبد المحسن البدر العباد.

تعريف علم الحديث:

هو العلم الذي يتم من خلاله معرفة ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية.
فعلم الحديث يعني: قول النبي عليه الصلاة والسلام من أمر أو نهي أو حكاية وغيرها. فعل النبي عليه الصلاة والسلام وعمله، ما رآه النبي عليه الصلاة والسلام صحابته يفعلونه ثم أقرهم على ذلك (وهو المراد بالتقرير). وصفة النبي عليه الصلاة والسلام الخَلقية والخُلقية.

فضله وأهميته:

علم الحديث علمٌ شريفٌ وجليلٌ له فضائلُ كثيرةٌ ثبتتْ بنص القرآن وقول الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو ثاني الوحيين؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (3) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ﴾ [النجم: 3، 4] وقول النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو بن العاص: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه».
وهو تفسيرٌ وبيانٌ لكتاب الله تعالى كما قال عز من قائل: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44]، وكما قالت عائشة رضي الله عنها: «كان خُلُقه القرآن».
وهو المصدر الثاني للشريعة الإسلامية؛ لقوله سبحانه ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7] وقوله جل شأنه: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: 92] وقوله جل جلاله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]. وهو أحد أركان الإيمان؛ فإنَّ الإيمان برسول الله عليه الصلاة والسلام لا يتحقق إلا بمتابعته الكاملة وطاعته المستقلة والاستسلام الكامل من غير تردد ولا شك لأوامره عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

وجوب تعلمه على المسلم حسب الحاجة:

فعلم الحديث لا غنى عنه لكل مسلم، فالصبي إذا بلغ يجب عليه أن يعرف كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوضأ ويصلي، وكيف يستأذن، وكيف يأكل ويشرب، وما آداب الخلاء، والمسجد، وأذكار الصباح والمساء وغيرها من العبادات. كما أن التاجر يجب عليه معرفة أحكام البيع والتجارة والزكاة وغيرها من المعاملات.