
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسوله الأمين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنَّ عطلة الصيف التي تمتد إلى ثلاثة أشهر هي جزء كبير من السَّنة، فهي رُبع السَّنة، لا ينبغي أن تمضي هذه الفترة دون فائدة، من حفظ أجزاء من القرآن الكريم، وتحصيل علم نافع، واكتساب مهارة مفيدة، ورياضة وتقوية للأبدان، وزيارات مستحبة للأهل والأقارب والتعرف على بعض المناطق في البلاد. والحذر الحذر من ضياع الوقت في السهرات والرحلات المحرمة، وليعلم أنَّ الوقت هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان، فحفظه أصل كل خير، وضياعه منشأ كل شرٍّ، ولذا قال النبي ﷺ: «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ». يقول ابن الجوزي: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل.
وليعلم الطالب أنَّ ما مضى من الوقت لا يعود إليه أبدًا، وقد قال الحسن: ما من يوم يمرُّ على ابن آدم إلَّا وهو يقول: يا ابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدِّم ما شئت تجده بين يديك، وأخِّر ما شئت فلن يعود إليك أبدًا.
وقال ابن القيم – رحمه الله -: إضاعة الوقت أشدُّ من الموت؛ لأنَّ إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
ولا شكَّ أنَّ أفضل ما يشغل الطالب وقت فراغه في عطلته في حفظ القرآن الكريم وتحصيل العلم النافع في العقيدة والسُّنة والفقه والتجويد وحفظ المتون. وقد حثَّ النبي ﷺ على تعلُّم القرآن وتعليمه بقوله: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه».
وقال النبيُّ ﷺ يبيِّن فضل العلم ويحث على طلبه: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة».
وينبغي ألا تكون حلقات تحفيظ القرآن الكريم والدورات العلميَّة خاليةً من الأنشطة الجانبيَّة، فذاك يسبِّب الـمَلل عند الأولاد، بل لا بد من مراعاة أعمار الناشئة وميولهم، كما على المربي إقامة الحلقات العلمية داخل البيوت في فترة الصيف، بحيث تعقد تلك الحلقات في مواعيد محددة، ويقرأ فيها بعض الكتب الملائمة للأولاد والبنات، فيتعلمون بذلك القراءة، وحسن الاستماع، وأدب الحوار.
ويمكن استغلال عطلة الصيف بعض الأحيان في إقامة المسابقات الثقافية بين الأولاد، ووضع الجوائز والحوافز لها: فذلك العمل مما يشحذ هممهم، ويحرك أذهانهم، ويدربهم على البحث والنظر في كتب أهل العلم، ويعدهم للرقي في مستوياتهم.
ويفضل في الصيف اصطحاب الأولاد لمجالس الذكر: كالمحاضرات، والندوات التي تعقد في المساجد وغيرها؛ فهي مما يثري الولد بالمعلومات، ويمده بالخير، ويعده لمواجهة الحياة، ويجيب عن أسئلته التي تتردد في ذهنه.
كما أنها تغذيه بالإيمان، وتربط على قلبه وتربِّيه على أدب الاستماع.
كما أنَّ فترة الصيف فترة طيبة لتعلم الأشياء النافعة؛ مثل الحاسوب، واللغات الأجنبية، والسباكة والكهرباء وغيرها بهدف أن ينفع المسلم نفسه وإخوانه.
ولا ينبغي ربط الطلبة والطالبات في إجازة الصيف ببرامج علميَّة فحسب والتغاضي عن ترويح النفس مثل الرحلة مع الأولاد؛ إمَّا إلى مكة المكرمة، وإما إلى المدينة النبوية، أو غيرها من الأماكن المباحة، حتى يتعرف الوالد على الأولاد أكثر وأكثر، ولأجل أن يجمهم، ويشرح صدورهم، ويكسبهم خبرات جديدة، إلى غير ذلك من فوائد السفر التي لا تخفى.
هذا ونسأل الله ﷻ أن يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأولادنا الذين هم رأس مالنا، وأن يصلحهم ويجعلهم نافعين لأنفسهم ومجتمعهم في دنياهم وآخرتهم، إنه سميعٌ قريبٌ.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كيفية مناصرة الداعية للنبي عليه الصلاة و السلام
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد: فإنَّ مكانة النبي عليه الصلاة والسلام في...

كيف نخدم السُّنة النبوية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: منزلة السُّنة النبوية: تعدُّ السُّنة النبوية مصدرًا أساسيًّا...

سب الصحابة رضي الله عنهم «وقفة تأمل»
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسُّنة...

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...

حديث ومعنًى: كل عمل ابن آدم يضاعف
مجلة الإرشاد للحرس الوطني عدد رمضان 1423هـ. يصدر هذا العدد المبارك من مجلة الإرشاد في هذا الشهر المبارك، والمسلم يتطلع...