home-icon
أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا والعلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

بالعلم ترقى الأمم وتتقدم، ومن غير العلم تسقط الأمم وتبقى متخلفة وعبئًا على غيرها، ومن أجل ذلك كانت من أساسيات الإسلام الدعوة إلى العلم والتعلم، لتسبق أمة الإسلام سائر الأمم، وتخرجها من مستنقع الجهل إلى نور المعرفة واليقين، فقد كانت الآيات الأولى المنزلة على رسول الله ﷺ تحث على القراءة والكتابة، في قوله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ۞ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ۞ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ۞ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ۞ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ ﴾[العلق: 1-5]. ولا يقتصر طلب العلم والمعرفة على الرجال دون النساء، وإنَّما هو شامل لجميع المكلفين، رجالًا ونساء، إلَّا أنَّ طلب العلم بالنسبة للمرأة بقي محدودًا لفترات طويلة بسبب بُعد الناس عن حقيقة الدين ومبادئه، واختلاط العادات بالأحكام وغيرها، وقد ضربت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أروع الأمثلة في طلب العلم والخوض في أغواره، فهذه أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كانت مرجعًا علميًّا للصحابة بعد وفاة النبي ﷺ، يقول أبو موسى الأشعري رضي اللَّهُ عَنْهُ : «ما أشكل علينا أصحاب رسول الله ﷺ حديث قط فسألنا عائشة إلَّا وجدنا عندها منه علمًا». وقد روت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا آلاف الأحاديث عن الرسول ﷺ منها حديث بدء الوحي الذي فيه الحثُّ على العلم، وهذا يعني أنَّ المرأة المسلمة في الصدر الأول من الإسلام لم تكن غائبة عن ميادين العلوم والمعارف، لاسيما العلوم الشرعية، التي لا مناص منها ومعرفة الأحكام الضرورية منها. وبناء على هذا يجب على المرأة المسلمة المعاصرة أن تكون رائدة في العلم وفقيهة فيه، وألا تخجل من تلقي العلم الشرعي من مصادره ومراجعه الصافية، فإنَّ الرسول ﷺ كان يخصص للنساء أوقاتًا يعلمهن فيها أمور دينهن ويجيب على أسئلتهن واستفساراتهن.

ثم إنَّ الظروف والأوضاع الراهنة تستوجب على المرأة أكثر من أي وقت آخر في أن تتعلم وتتفطن لتتمكن من مواجهة التحديات التي تستهدف كيانها ودينها؛ لأنَّ الجهل والفتور والكسل لا تجلب لها إلَّا الانكسار والخضوع لهذه التحديات الرهيبة، ومن هنا كان لزامًا على جميع المؤسسات الإسلامية أن تتفاعل مع وضع المرأة العلمي وتسهم في إيجاد مراكز لتعليمها وتثقيفها ودعمها بكل الوسائل والإمكانات.

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.