الحج هو الركن الخامس من أركان هذا الدين، كما جاء في قوله ﷺ لجبريل: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» (صحيح مسلم). وهو فرض على كل مسلم مرة في العمر إذا توافرت لديه القدرة المالية والبدنية لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].
يقول ﷺ: «من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا» وذلك أن الله تعالى يقول: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ (جامع الترمذي).
والحجُّ عبادة موجودة من عهد نبي الله إبراهيم عليه السلام، فقد أمره الله تعالى بالأذان إليه بعد أن تفرغ هو وابنه إسماعيل عليه السلام من رفع القواعد بقوله:﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ [الحج: 27]. إلا أنَّ هذه العبادة خالطها التحريف والتضليل حين انحرف الناس عقديًّا، فقد دخلت معالم الشرك جميع مناسكها وأماكنها، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن الكيفية التي كانوا عليها في الطواف مثلًا: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [الأنفال: 35].
وكانت الكعبة تعج بالتماثيل والأصنام حتى عهد النبوة، إلى أن جاء الرسول ﷺ وفتح مكة وحطم جميع هذه التماثيل بيده ﷺ. ولعِظَمِ ركن الحج وعلو مكانته سميت سورة في القرآن الكريم سورة الحج، وتعددت الآيات القرآنية وتفرقت مواطنها في كتاب الله سبحانه وتعالى عن هذا النسك العظيم.
كما جاءت أحاديث كثيرة في فضل هذا النسك العظيم، كما في قوله ﷺ في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه: سئل النبي ﷺ: أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله». قيل: ثم ماذا؟ قال: «جهاد في سبيل الله». قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» (صحيح البخاري). وفي حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: «لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور» (صحيح البخاري).
وقد بيَّن رسول الله ﷺ كيفية أداء هذا النسك بصورة عملية في حجة الوداع، من الطواف والسعي والوقوف بعرفة والمزدلفة والمبيت ورمي الجمرات، وقال للصحابة رضوان الله عليهم: «خذوا عني مناسككم» (مسند الإمام أحمد).
إنَّ الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى للناس كافة، يقول تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
وهو دين الرحمة لكل البشر، يقول جل ثناؤه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، حيث لم يترك الله تعالى عباده في جور الظلمات، ليتناحروا ويتقاتلوا فيما بينهم، بل كان رحيمًا بهم حين أرسل إليهم الرسول ﷺ، وأنزل إليه كتابًا فيه من الأحكام والتشريعات والآداب ما ينظم حياتهم ويقوِّم سلوكهم وأخلاقهم، ويُنير لهم دروب الحياة في ميادينها المختلفة، يقول تعالى: ﴿الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم: 1]. ومن أجل ذلك كان لزامًا على الإنسان الالتزام بهذا الدين وتطبيق تعاليمه وتشريعاته قولًا وعملًا، لأنه أمر إلهي قبل كل شيء، ثم لأنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود هذا الإنسان وسعادته ونجاحه في الحياة. والمتمعن العاقل يدرك أن جميع التعاليم الشرعية تلبي حاجات الإنسان ورغباته، فأُحلت له الطيبات من الأكل والشرب والملبس، وأُحل كل ما ينفعه في نفسه وأهله ومجتمعه، كما حرمت عليه الخبائث من تلك الأصناف، وحرم عليه كل ما يضره في نفسه وأهله ومجتمعه، يقول تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157].
وبذلك فإنَّ الالتزام بالشرع يحقق آثارًا إيجابية كثيرة، من أهمها:
وغير ذلك من الآثار والنتائج الإيجابية الكثيرة التي تجلب للإنسان المنفعة وتدفع عنه الضرر والأذى.
وبهذا فلا معنى لوجود الإنسان من غير هذا الدين، وكل لحظة يعيشها بعيدًا عن الله تعالى وعن شرعه ودينه، إنما هي لحظات ضياع من عمره وحياته، لأنَّ جميع الحركات والسكنات التي يصدرها تكون في مهب الريح، لأنها لا تتوجه الوجهة الصحيحة، وقد صدق الشاعر حين قال:
إذا الإيمان ضاع فلا أمــانٌ ومن رضي الحياة بغير دين |
ولا دنيا لمن لم يُحْيِ دينا فقد جعل الفناء لها قرينا |
إنَّ التقيد بالأنظمة والقوانين المرعية في الحج من الالتزام الديني والشرعي، لأن في تطبيقها المصلحة، وفي تركها المفسدة، وهي جزء من أخلاق المؤمن الذي يتمثل في سلوكه العام مع نفسه ومع الآخرين، وكذلك سلوكه مع الكون وموجوداته من حوله، وإن أي إساءة أو اعتداء على هذه الأشياء يخدش الخلق ويخل به.
ومن أهم التعليمات والأنظمة التي لابد من التقيد بها في أثناء أداء مناسك الحج، الأمور التالية:
ويكون ذلك قبل الانطلاق في رحلة الحج، في البلد الذي يقطنه الحاج، حيث توجد بعض القوانين والنظم التي تنظم أمور الحج والحجاج في كل دولة في العالم، كتحديد عدد الحجاج في كل بلد، وإجراءات إخراج الجوازات النظامية، والفحوصات الطبية المطلوبة، وكذلك القدرة المالية والبدنية، ووجود المحارم بالنسبة للنساء، وغير ذلك من الضوابط والشروط المهمة لأداء نسك الحج، لأنَّ وزارة الحج تضع برامجها التنظيمية والخدمية بناء على هذه الأنظمة والقوانين، وأي اختراق لها أو التحايل عليها، كالسفر بجواز سفر غير نظامي، أو تقديم أوراق طبية غير نظامية، يعرض مسيرة الحج إلى الخطر سواء من الناحية الصحية أو الناحية القانونية في الدخول إلى الأراضي المقدسة والخروج منها، والجناية الكبرى في مثل هذه الاختراقات أنها معصية ومخالفة شرعية، ومعلوم في القواعد الأولية الشرعية أنَّ الغاية لا تبرر الوسيلة.
أما بالنّسبة للحجاج القادمين من داخل المملكة فإن عليهم الأخذ بالتعليمات الصادرة من وزارة الحج بخصوص الحج، مثل إخراج تصريح رسمي من إدارة الهجرة والجوازات، وضرورة الالتحاق بحملة رسمية، وألا تقل المدة بين الحجة والأخرى عن خمس سنوات، وهي إجراءات وقائية للتخفيف من وطأة الزحام، وإفساح المجال للحجاج النظاميين ليؤدوا هذا النسك بسهولة وسلامة.
وأي اختراق لهذا الإجراء يعد مخالفة شرعية، لأنَّ فيه خروجًا عن طاعة ولي الأمر الذي أمر بمثل هذه التشريعات والأنظمة، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59].
عند الانتهاء من رمي الجمرات في أول أيام التشريق ينشر كثير من الحجاج حول الجمرات وفي الطرقات المتاخمة لها من أجل حلاقة رؤوسهم وعلى أيدي بعض الأفراد الذين ليست عندهم رُخَص حلاقة ولا شهادات صحية، وإنَّما الذي يحملونه موسى وعدة شفرات، والناس يتراكضون إليهم دون أن يلقوا بالًا بالمخاطر التي تنجم عن هذه العملية التي لا تراعي أقل الشروط الصحية. ولهذه الظاهرة مفسدتان كبيرتان، هما:
ومن هنا كان لزامًا على الحاج الأخذ بالتعليمات المرعية في هذا المجال، والذهاب إلى محلات الحلاقة القريبة من الجمرات والمرخصة من قبل أمانة العاصمة المقدسة، لتوافر قدر مقبول من الشروط الصحية، سواء في الحلاقين أنفسهم أو في الأدوات التي يستخدمونها في الحلاقة.
إنَّ ظاهرة الافتراش بصورة غير نظامية أيام الحج، في قارعة الطرقات وفي ساحات الحرم وفي منطقة منًى، تُعد من المظاهر السلبية التي اعتادها كثيرون من الحجاج، ولعلَّ أكثرهم من الذين دخلوا المشاعر بصورة غير نظامية، أو لم يتقيدوا بالتعليمات الصادرة من وزارة الحج، سواء في داخل المملكة أو في خارجها، ومن أهم المخالفات الشرعية لهذه الظاهرة ما يلي:
والالتزام بالأنظمة المتعلقة بذلك يمنع هذه السلبيات ويعطي للحج والحاج مظهرًا إيجابيًّا في الدنيا، وأجرًا وثوابًا عند الله في الآخرة.
حركة الحجاج وتنقلاتهم بين المشاعر تعتمد بصورة أساسية على وسائل النقل البري لا سيما الحافلات والسيارات، وهناك تعليمات وقوانين لابد من الأخذ بها في أيام الحج لتفادي زحمة المرور التي تسبب إحراجات كثيرة للحجاج، فمن تلك التعليمات:
والتقيد بأنظمة المرور ولوائح السير الصادرة من الأمن العام أيام الحج، يخفف عن الحجاج معاناة الزحام والتأخير عن أداء المناسك، والتنقل بطريقة سلسة بين المشاعر المقدسة.
يتخوف الحجاج دائمًا من منطقة الجمرات لكثرة حوادث الموت فيها، ولعلَّ هذا الخوف من العوامل المساعدة في حدوث التزاحم والفوضى عند الجمرات، ولتفادي تكرار مثل هذه الحوادث والمشاركة مع الجهات المختصة في تخفيف الازدحام وإيجاد نوع من التنظيم هناك لا بد على كل حاج مراعاة الأمرين الآتيين في الحج:
من أهمِّ التوجيهات والتعليمات الشرعية التي ينبغي الالتزام بها، الحذر من الوقوع في المعصية في أثناء أداء نسك الطواف؛ لأن كثيرًا من الحجاج يصرون على تقبيل الحجر الأسود اقتداء بالرسول ﷺ، وسط التزاحم والتدافع الهائل الذي يكون في أثناء الطواف أيام الحج، وهذا العمل قد يؤدي إلى إيذاء المطوفين، لا سيما الضعفاء منهم، وقد نهى ﷺ عن ذلك، وأجاز استلام الحجر بأن يشير بيده إليه ويكبر في بداية كل شوط، وقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال لعمر رضي الله عنه: «يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، لو وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله فهلل وكبر» (مسند الإمام أحمد).
يمكن إجمال هذه الإجراءات الصحية في النقاط الآتية:
ويجب اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لدفع الأمراض بإذن الله تعالى، ومن أهم تلك الإجراءات:
إنَّ التقيد بهذه الإجراءات والتعليمات الصحية يقي الحاج بإذن الله تعالى من كثير من الأمراض والمشكلات الصحية المختلفة، كما أنه يسهم بذلك في التقليل من تفشي الأمراض المعدية والمتنقلة بين الحجاج، وبالتالي يعينه على أداء مناسكه بيسر وسهولة.
ولسلامة الحجاج والحفاظ على حياتهم وأداء مناسكهم من غير مخاطر وحوادث، لا بد من الالتزام والتقيد ببعض التعليمات التي تؤمن لهم ذلك، ومن أهم تلك الإجراءات:
بما أنَّ الحجَّ مؤتمر إسلامي كبير يجتمع فيه أكثر من مليوني مسلم، يأتون من كل فج عميق، ومن جميع الأعراق والأمصار، فهو مناسبة عظيمة وفرصة سنوية كبرى لنشر الدعوة الصحيحة بين أبناء هذه الأمة المستقاة من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه ﷺ، ولعلَّ أول هدية دعوية يتلقاها الحاج عند قدومه إلى الحج من المؤسسات الدعوية المختلفة: كتاب الله تعالى باللغة العربية، أو تفسيره باللغات الأخرى، وكذلك الكتيبات والنشرات المترجمة الصادرة من أهل العلم والدعاة المعروفين، وكل ذلك مطلب إسلامي لا بد منه في موسم الحج، لأنَّ فيه الأجر والثواب عند الله تعالى، وفيه الدعوة إلى الله تعالى بمنهج صحيح ووسائل صحيحة وواضحة، كما فيه دعوة إلى الوحدة والتعاون بين أبناء الأمة الواحدة.
ولكن لا بد من الحذر والترقب من بعض النشرات والكتيبات المحظورة شرعًا، سواء تلك التي تدعو إلى البدع والخرافات التي تعج غالبًا بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، أو تلك التي تعبر عن أفكار بعض الطوائف المنحرفة عقديًّا التي تدعو أتباعها إلى التوسل بالأموات والقبور، وطلب العون وقضاء حوائجهم منها، أو الكتيبات والنشرات التي تدعو إلى الغلو والتشدد والتكفير، فكل ذلك يؤثر سلبًا على الحاج في عقيدته وإيمانه، وكذلك يؤثر في حجه من حيث الأجر والقبول عند الله تعالى، لأن مثل هذه الأفكار والاعتقادات تنافي النصوص الصريحة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ. فضلًا على أنها من عوامل الفرقة والفتنة بين المسلمين في أيام الحج المباركة.
وقد يستغل بعض الناس أيضًا موسم الحج لنشر الأفكار السياسية والحزبية بين الحجاج، فيحتدم الصراع بين أتباع كل حزب ويكثر الجدال بينهم، وبذلك يفقد الحج مضمونة ويفقد الحاج أجره ومثوبته، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197]. وقال ﷺ: «من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (صحيح البخاري). ومن أجل ذلك حذرت وزارة الحج من التعامل مع مثل هذه الدعوات والنشرات، ومنعت من نشرها وتداولها بين الحجاج، حفاظًا على سلامة عقائدهم وأداء مناسكهم بالصورة الصحيحة.
وفي الختام، فإن هذا الدين قائم على مجموعة من القواعد المترابطة التي تسير معًا في اتجاه واحد لتحقيق العبودية الصحيحة لله تعالى في الأرض، وهذه القواعد هي:
ومجموع هذه القواعد يكوِّن شخصية المسلم الصحيحة التي تتحرك على الأرض بصورة إيجابية في جميع أحوالها، وهي الشخصية المطلوب من الحجاج إيجادها في الواقع عند أداء نسك الحج، لأن الحاج معرض في أيام الحج لكثير من المواقف والحوادث التي تقتضي إظهار الأخلاق الفاضلة من التراحم والتسامح مع إخوانه الحجاج، والتقيد والالتزام بجميع التعاليم الدينية والأنظمة المرعية في الحج، والتي هي جزء لا يتجزأ من أخلاقيات هذا الدين، وذلك من أجل تحقيق مجموعة من المصالح والمنافع لنسك الحج وللحجاج أنفسهم، ومن أهمِّ هذه المنافع:
وبذلك تكون هذه الأمة قد ترجمت تعاليم هذا الدين إلى واقع يراه القاصي والداني، رغم التجمع البشري الهائل في منطقة واحدة، والذي يزيد عدده على مليوني مسلم، من كل الأجناس والأعراق، وبمختلف طبقاتهم ومستوياتهم الاجتماعية والمعيشية والعلمية، وهي آية كبرى من آيات الله تعالى تتجلى في هذا الركن العظيم.