الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإنَّ أمر الحسبة لا ينكر أهميته إلَّا جاهل أو فاسق، والحسبة مطلوبة من الرجال والنساء على حد سواء، وقد ورد هذا الأمر في كتاب الله بصيغة الذكور والإناث، قال تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران:110] وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:71] وذكر جزاء هؤلاء المؤمنين والمؤمنات في الآية التالية بقوله تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾ [التوبة: 72] وهذا يوحي بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مسؤولية الرجال والنساء، وفي سورة الأحزاب خصهن بالأمر بالمعروف حيث قال تعالى: ﴿وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفً ﴾ [الأحزاب: 32] قال ابن عباس: أمرهن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما يدل على جواز قيام النساء المؤهلات بأمر الحسبة، وفي السُّنة والسيرة ما يدل على جواز قيام المرأة بأمر الحسبة، بل وجوبه أحيانًا إذا لم يكن هناك رجل يقوم بهذا الأمر لأنه فرض كفاية، ومن ذلك:
هذه الأحاديث والآثار تدل على ضرورة قيام المرأة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإنكار على المخالفات الشرعية عند النساء وخاصة إذا لم يكن من الرجال من يقوم بذلك مع انتفاء الريبة.
وبناء على ذلك أرى أنَّ من المناسب أن تعين مجموعة من المحتسبات بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مفهومه الشامل مع مراعاة الضوابط الآتية:
إنَّ مشاركة المرأة في هذه الأمة تنتج آثارًا عظيمة تعود بالخير والنفع للمجتمع، ومن ذلك:
هذا وأسأل الله العلي القدير أن يصلح شباب هذه الأمة ونساءها وأن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنه سميع قريب
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.