
مدخل:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد خلق الله سبحانه الخلق، وجعل فيهم مُؤَثِّرًا ومتأثرًا، وقويًّا وضعيفًا، وغالبًا ومغلوبًا، وطموحًا وغير طموح، ومتفوقًا ومتأخرًا، ومن سنته سبحانه وتعالى أنَّ جعل الأدنى والأصغر والأجهل يحاكي من هو أعلى وأكبر وأعلم، ينظر إلى فعله وعمله ويفعل مثله أو يتشبه به.
ولكي يصل الناس إلى الغاية الأسمى في الآخرة، والرُّقي إلى معالي الأمور، وأعاليها في الدنيا أرسل الله تعالى إلى الناس رسلًا يرشدونهم ويدلونهم إلى هذه الغايات الحميدة في عالم الدنيا والآخرة، ومن ثَمَّ يتمثلون هذا الطريق عمليًّا في سلوكهم وأعمالهم وتصرفاتهم، فكانوا مُثُلًا عليا في ذلك كله. من هنا جاءت هذه الكلمات والإشارات السريعة في هذه الشخصية التي نطلق عليها مصطلح «القدوة» أو «الأسوة».
ما الحاجة إليها؟ ومن القدوة الأعلى أو الأول؟ ومن العناصر المهمة التي إذا اجتمعت في فرد سمي قوة؟ وما مجالاتها في الحياة؟ وهل هناك محظورات ومحذورات يجب أن يجتنبها القدوة؟ وإذا كانت مهمة الداعية من أسمى المهام وأعلاها فمن الداعية القدوة؟ ونختم بآثار القدوة الحسنة على النفس والمجتمع.
ويتخلل ذلك بيان عملي لبعض القدوات في التاريخ.
الحاجة إلى القدوة:
يمكن تلخيص حاجة الناس إلى القدوة في النقاط الآتية:
- من وسائل التربية والتعليم: التربية والتعليم بالقول درسًا ومحاضرة، وتعليمًا مباشرًا وأمرًا بمعروف، وإرشادًا إلى خير، ونهيًا عن منكر، وهكذا.
- ولا شكَّ في أهمية هذه الوسيلة، فقد جاء الأمر بها في القرآن الكريم لنبينا محمد ﷺ، قال تعالى: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ ﴾ [المدثر: 1 -2]، وقال تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: 94]، وهكذا مع جميع أنبياء الله تعالى ورسله، أمروا بالبلاغ بالكلمة الطيبة حتى جاء النص بأنَّ هذا البلاغ أحسن الكلام، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
- ولا غنى أيضًا عن هذه الوسيلة، فهي وسيلة فاعلة في التعليم والتربية والدعوة والبلاغ.
- لكن هذه الوسيلة قد لا تكفي، لإظهار أهمية هذا التعليم والدعوة، فلابد من إظهاره جليًّا بصورة عمليَّة ليبلغ مبلغه في التأثير، ويدرك أعماق المدعوين أيًّا كانت أوضاعهم وصفاتهم.
- فالناس بحاجة ماسة إلى من يتمثل الصورة القولية والنظرية إلى واقع عملي يُرى فنرى حينئذ المثل والخلق والصفات والتعاليم التربوية المثلى.
- وأمر آخر: أنَّ كثيرًا من الناس يعتقدون أنَّ كثيرًا أو بعضًا مما يدعو إليه الدعاة والمصلحون غايات لا يمكن الوصول إليها، فهم يدعون إلى ما لا يمكن تطبيقه، فإذا حول القدوات الصورة النظرية إلى أعمال في واقعهم يراها الناس بأبصارهم، ويدركونها بعقولهم انتقلت حينئذ هذه المثل والصفات العليا إلى واقع ملموس يمشي على الأرض بين الناس.
- ويمكن أن نمثل بمثال على هذا: لما يَطلُب المسؤول الداعية من الناس أن يتبرعوا بمالهم لمشروع خيري يعم نفعه شريحة كبرى من الناس، بينما يستطيع أن يؤثر بمثاله على عدد كبير من الناس، لكن العدد يكون أكبر، والإنفاق أوسع، عندما يعلن هذا القدوة أنه يتبرع بكذا وكذا مبلغًا من المال؛ لأنه يرجو نفع هذا المشروع، فستكون النتيجة أفضل بلا شك، ويصبح خُلُق الإنفاق ساريًا بين الناس علانية يتبارون فيه، وهكذا.
- ولتظهر لنا الحاجة إلى القدوة أكثر بأنَّ الله سبحانه وتعالى لم يجعل دينه تعاليم سامية، ومُثلًا عليا، تحتاج إلى ملائكة يطبقونها، بل جعلها كذلك ممكنة التطبيق، سهلة ميسورة، فبعث الله ﷻ الرسل ليراهم الناس فيمتثلون ما يأمرون به وينهون عنه، فلا يبقى بعد ذلك حجة لعاجز أو متكاسل عن تطبيق دين الله في الأرض.
- والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى جزء من هذا الدين، وميادينها فسيحة، فكان الرسل هم الدعاة الأوائل الصادقين المعاملين بما يَعْلَمُون ويُعَلِّمُون ويربون.
مَن القدوة الأول؟
من خلال ما سبق يتبيَّن أنَّ الرسل عليهم الصلاة والسلام هم الأحياء الذين تتمثل فيهم عبودية الله في الأرض، وقدوة هذه الأمة نبينا وسيدنا محمد بن عبد الله ﷺ الذي أرسله الله تعالى إلى الناس كافة بشيرًا ونذيرًا، وقد أكَّد الله سبحانه وتعالى هذا المعنى في كتابه الكريم، قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]. وقد عبرت عائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عن هذا المعنى العظيم عندما سئلت عن خلق رسول الله ﷺ فقالت: «كان خلقه القرآن». وجاء هذا المعنى بصورة أخرى بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، فنلحظ هنا كلمة: ﴿ خُلُقٍ ﴾ شهادة من الله تعالى على خلق رسول الله ﷺ.
ولو انتقلنا إلى السيرة العملية في حياته ﷺ لوجدنا أنه تمثل جميع مجالات القوة الآتي ذكرها –إن شاء الله ﷻ– فأينما وجهت الطرف إلى ناحية من النواحي وجدت ذلك ظاهرًا بينًا عليه ﷺ.
ففي الجهاد مثلًا: عندما التقى المشركون والمسلمون في حنين، وأَعجَبَ المسلمين كثرتُهم، وأراد الله تعالى أن يرسخ فيهم أنَّ الكثرة والقلة ليست هي العامل الأساسي في النصر، وثب عليه المشركون فتفرق المسلمون في أول الأمر، فطفق رسول الله ﷺ يركض بغلته قِبَلَ الكفار، قال العباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله ﷺ أكفها إرادة ألا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: «أي عباس، ناد أصحاب السمُرة»، فقال العباس –وكان رجلًا صيتًا– فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمُرة، وفي رواية: فنزل واستنصر وقال: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب». يقول العباس: فوالله لكأني عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقرة على أولادها، فقالوا: «يا لبيك يا لبيك»()، فهناك لحظنا موقف القدوة عندما أقدم ولم يفر فكان العامل الأساسي لرجوع المسلمين، ومن ثمَّ نصرهم. وفي الجود والكرم ننظر ماذا يقول الإمام ابن القيم : «كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر»، فاتسم أصحابه بهذا الوصف، فنجد عثمان رضي الله عنه ينفق على جيش العسرة، وأبا بكر ينفق ماله كله، وأبو طلحة يتصدق بمزرعته كلها وهي أطيب ماله.
وفي الصفح والعفو يكفينا ذلك المثل الأعلى الذي ضربه لنا رسول الله ﷺ عندما فتح مكة وحطم الأصنام، ووقف بباب الكعبة، وقال: «يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم»، فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال ﷺ: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». هكذا كان ﷺ يتمثل قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ* وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ (35) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 34 – 35]. وهكذا كان ﷺ في أفعاله كلها قدوة وأسوة، فبأبي هو وأمي ما مشت قدمان على الأرض مثله.
معالم القدوة:
ذوو الهمم العالية، والآفاق الرحبة، والطموحات البناءة يرجون أن يكونوا قدوات تمشي على هذه البسيطة، يراها الناس فيرون دعوة الله تعالى، ولا شكَّ أنَّ هذا مطلب نفيس وهدف كبير، لا يمكن أن يتأتى لكل أحد ما لم يتسم بالمعالم الآتية:
المَعلَم الأول:
قوة العلاقة بالله سبحانه وتعالى وعظيم الثقة به، وعمق الإيمان به سبحانه، لأنَّ القدوة إذا ارتبط بالله جل وعلا، هان عليه ما دونه من أمور الدنيا كلها، فيتعمق لديه الاطمئنان بمعية الله تعالى له، والثقة بموعوده، والاستقرار النفسي العظيم، والهدوء القلبي المكين الذي يجعله يسير في طريقه إلى الله بكل ثبات واطمئنان، فهذا رسول الله ﷺ عندما كان في الغار في أثناء هجرته من مكة إلى المدينة يصل المشركون إلى باب الغار ويقول له أبو بكر: لو نظر أحدهم من عند قدميه لرآنا، فيقول رسول الله ﷺ: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما»، اطمئنان عجيب لا تزلزله قوى الأرض كلها، ومثله ما وعد به سراقة بن مالك عندما وصل إليهما وهما في طريقهما إلى المدينة، فيعده الرسول ﷺ بأن يلبس سواري كسرى، فمن كان مع الله تعالى كان الله معه سبحانه وتعالى. ويرسم الرسول ﷺ هذه القاعدة العظيمة لابن عمه عبد الله بن عباس ﷺ عندما أوصاه بقوله: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك»().
فالداعية والمربي والقدوة إن لم يعمق هذا الإيمان في نفسه فلن يكون قدوة للناس في السير في هذا الطريق الذي ينتهي إلى رضوان الله تعالى؛ لأن المؤثرات الدنيوية، والعواصف والرياح في الطريق تؤثر عليه فينزل عن مراتب القدوة.
المعلم الثاني:
الاتصاف بالأخلاق الحسنة والسلوك المستقيم، والفضائل الكريمة، فكما سبق فالقدوة الأول ﷺ كان كذلك، ويمكن أن يزاد هنا قوله ﷺ في بيان أهمية هذه الأخلاق: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وأمره ﷺ لكل مسلم: «وخالق الناس بخلق حسن»().
ومما ينص عليه هنا من الأخلاق لأهميته: الإخلاص، وما أدراك ما الإخلاص؟ إنَّ سرَّ القبول للإنسان في السماء وفي الأرض، بل أمر الله تعالى به في مواضع كثيرة، قال سبحانه: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ﴾ [الزمر: 11]، فيخلص القدوة في أعماله الاعتقادية مع الله سبحانه، يرجو ثواب الله تعالى ويخشى عقابه، ويخلص في أعماله الظاهرة، وأقواله الناطقة، فيكون مراده ما عند الله سبحانه وتعالى، لا أن يكون هدفه الوصول لأي غرض من أغراض الدنيا، فإذا نزلت أعمال القدوة إلى ذلك جرحت هذه القدوة وقل تأثيره وأجره.
ومن الأخلاق التي تذكر بخاصة الصدق، والصدق في كل شيء، الصدق في التدين لله سبحانه، والصدق في الأقوال بالحذر من الكذب والزور والبهتان والغش، والصدق في الأعمال الظاهرة للناس، والمكتومة عنهم، فالقدوة من كان صادقًا في ذلك ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صدِّيقًا، ومن ثم يكتب من أهل الجنة، والصادق محبوب عند الله، ومحبوب عند الناس مقبول الكلمة، مؤثر في الناس.
وهكذا كان رسول الله ﷺ، وقد شهد له أعداؤه بذلك قبل متبعيه، جاءت شهادتهم عندما ذهب وفد من قريش إلى ملك الحبشة فسألهم عن صفاته ﷺ، وهنا يتمخض القدوة الداعية بصفته الظاهرة هذه بين الناس وبخاصة في هذا الوقت الذي كثُر فيه الكلام وقلَّ العمل، وانتشرت الفوضى في وسائل الإعلام المختلفة المتعددة.
ومما يذكر من الأخلاق الصبر والتحمل، فنفوس القدوات شجاعة قوية، كالصخر لا يضرها ناطحها، فتصبر على ما يأتيها، وتتحمل ما يعتريها، وتنظر إلى الآخرين بعين العفو والصفح والتحمل، كما كان رسول الله ﷺ صبر في سبيل حمل دعوة الله سبحانه وتعالى، فكان قدوة للدعاة في ذلك، صبر على إيذاء جسده وعلى حبسه، وعلى أسفاره، وعلى إيذاء أصحابه، وعلى الصد عن دعوته، وعلى رميه بالشعر والسحر والكهانة والجنون، وعلى الاستهزاء به، فصلوات ربي وسلامه عليه، ولا يصل القدوة إلى قمم الجبال إلا بالصبر، ولا ينال أعالي الدرجات إلَّا بالصبر.
ومن يتهيب صعود الجبال
|
يعش أبد الدهر بين الحفر
|
وبالصبر تنال الإمامة في الدين، والقدوة للناس، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، ولعِظَم هذه السمة العالية تكرر أمر الله سبحانه وتعالى رسوله ﷺ بها، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60]، ﴿وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10].
إنَّ القدوة الحق هو الذي لا يتخلف لديه هذا الخُلُق بأي حال من الأحوال.
فالطاعة ومكابدة الأعمال الصالحة تحتاج إلى صبر.
وترك المعاصي والشهوات يحتاج إلى صبر.
وأقدار الله تعالى المؤلمة تحتاج إلى صبر.
وكيد أعداء الله تعالى لهذا الدين يحتاج إلى صبر.
والدعوة إلى الله بخاصة تحتاج إلى صبر.
وبدون هذا لا تتم النتائج المرجوة، والثمار المرتقبة للقدوة.
ومن الأخلاق التي تخص بالذكر التواضع وخفض الجناح، كيف للقدوة أن يكون مؤثرًا في الكبار سنًّا وعلمًا ووظيفةً وجاهًا، وشرفًا ونسبًا دون أن يخالطهم ويتحمل ما يأتي منهم، ويتواضع لأفكارهم واهتماماتهم؟
وكيف له أن يؤثر في عامة الناس وهو يرى أنه فوقهم ومُيز عليهم وفُضِّل عليهم؟
وكيف له أن يؤثر في أسرته وهو بعيد عنهم لا يتنزل لاهتماماتهم ويعيش بينهم؟
وكيف له أن يؤثر في الجيل الصغير الذي سيقود الأمة مستقبلًا وهو لا يأبه بهم ولا يخاطبهم ولا يحادثهم؟
إنَّ التواضع خُلُق نبي الله تعالى ﷺ فهو مع الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والرئيس والمرؤوس، ويعطي كل صنف من الناس ما يناسبه، يتجرأ عليه الصغير كالكبير، وتسأله المرأة كالرجل، بدون حياء في أمور الدين، فصلوات ربي وسلامه عليه.
ومن الأخلاق العفو والصفح عما يأتي من الناس، فالمخالط للناس على سبيل التوجيه لهم يحصل لهم من أذاهم ما يحصل، ولا ينقد إلَّا العامل، وليس كل عامل، بل يزداد النقد والإيذاء للقدوات، والقدوة مع هذا كله يعفو ويصفح، ولا يجازي السيئة بالسيئة، ولأهمية هذا الأمر أمر الله تعالى به: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13]، وقال سبحانه: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133-134].
ومما يذكر من الأخلاق نظافة القلب، فالقدوة الحق نظيف القلب، طاهر الضمير، نقي السريرة، يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه، لا يتأثر لنفسه، بل يعيش لأمته محبًّا لهم عاطفًا عليهم، لا يتأثر بما يراه منهم من حقد وحسد وضغينة وأعمال سيئة.
المعلم الثالث:
من معالم القدوة العلم الشرعي النافع الذي يكسب صاحبه نورًا وبهاءً وسلامة طريق، ومنهاجًا صحيحًا، فالقدوة عالم بما يجب عليه، عامل بما يعلم، وهذه من أعظم المعالم التي تميز القدوة عن غيره، ذلكم أنَّ العلماء هم ورثة الأنبياء، والأنبياء هم القدوات، القدوة لا يمكن أن يسير وفق منهاج صحيح إلَّا بالعلم النافع، ولا يخفى على القارئ الكريم ما تضمنته نصوص الكتاب والسُّنة في بيان أهمية العلم الذي يعرف به الحق من الباطل، والصواب من الخطأ ويكفي أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه ﷺ بطلب مزيد من شيء إلَّا من العلم، قال تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، والعلماء هم القدوات أهل الخشية من الله سبحانه وتعالى فلا يخشاه حقَّ الخشية إلَّا من عرفه حقَّ المعرفة، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 28].
ومن هنا نخلص إلى أنَّ القدوة يجب أن يكون عالـمًا بما يجب أن يفعل فيُقتدى به على الحقِّ والهدى والصواب.
المعلم الرابع:
موافقة العمل للقول، وهذا المعلم معلم رئيس لا يمكن أن يصل القدوة إلى تلك المرتبة ما لم تظهر أقواله على أعماله فتكون واقعًا حيًّا، كيف يأمر بالإيمان وهو من يناقض ذلك بأعماله كأن يتوسل إلى ضريح، أو يطوف حوله؟ وكيف يدعو إلى فضيلة من الفضائل كالإيثار والتضحية، وهو لا يقدم شيئًا؟ وكيف يأتي بنصوص القرآن والسُّنة في حب الإنفاق وأثره في الدنيا والآخرة وهو بخيل ممسك؟ وكيف يأمر أولاده بالبُعد عن الرذائل وهو يمارسها؟ وكيف يحدث العامة والخاصة عن أهمية الصلاة والمحافظة عليها وأدائها في أوقاتها وهو يُرى بين المصلين متأخرًا كل وقت أو غالب الأوقات؟ إنَّ من أعظم ما يبلغ دعوة الداعي التزامه عمليًّا بأقواله، فيُرى سلوكه وتصرفاته تسبق أقواله كما كان ﷺ، فقد دخل ﷺ في قصة الحديبية على أم سلمة مغضبًا وقد أمر الناس أن ينحروا هديهم ويحلقوا رؤوسهم فلم يفعلوا، فلما قام بنفسه بنحر هديه وحلق رأسه ﷺ تسابق الناس إلى ذلك لما رأوه طبق ما أمرهم به. وقد حذَّر الله سبحانه وتعالى من مخالفة العمل للقول، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا۟ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٣ ﴾ [الصف: 2-3]، وقال سبحانه: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44].
ولا يعني هذا بحال من الأحوال أنَّ الداعي لا يدعو إلا لما يطبقه، فعليه أن يدعو إلى كل اعتقاد سليم ومنهاج صحيح ومسلك قويم، ولا يكون التأثير قويًّا إلَّا إذا كان مقترنًا بالعمل.
مجالات القدوة:
ولأجل أن تتضح الصورة لمن سلك طريق الدعوة، وأعدَّ نفسه في مدرسة القدوات، عليه أن يتمثل القدوة في جميع مجالات الحياة، ولعلَّ في ذكر شيء منها ما ينير الدرب ويوضح الطريق. فمن أهمِّ المجالات القدوة في العقيدة، فيُظهر الداعي معتقده الصحيح للناس بأدلته الشرعية ومصادره الأصلية، فلا يكون غامض المعتقد، أو متناقض الأصول، يوضحه بقوله وفعله وبسلوكه وتصرفاته.
ومن مجالات القدوة، القدوة في التربية والتعليم والدعوة، ذلك أنَّ تعليم الناس وتوجيههم وإرشادهم ودعوتهم مِن أفضل الأعمال وأزكاها، فيجب أن يكون الداعي على مستوى هذه الأعمال، فهو كالثوب الأبيض إذا نقط فيه نقطة سوداء ظهرت وبانت، فعليه بتلك الأخلاق العالية المذكورة في معالم القدوة، وأن يظهر بالمظهر الحسن، ويعامل الناس المعاملة الفاضلة وحينئذ يكون داعية بقوله وعمله، وليحذر بعد ذلك كل عمل يشينه أو خلق يسيء إليه وإلى سمعته.
ومن مجالات القدوة: القدوة في التعامل مع الله سبحانه في العبادة فيؤدي عبادته كما شرع الله سبحانه وتعالى، سباقًا إلى ذلك، من أهل قيام الليل، وصيام النهار، والقراءة، والذكر، والدعاء فضلًا على الفرائض التي فرضها الله سبحانه عليه، كيف لداعية يتأخر عن الصلاة، ويكتفي بالفرائض ولا يكون له حزب من الأوراد والأذكار والقرآن، أنى لهذا أن يكون قدوة يربي الناس على مباني الخير، وحميد الخصال وهو لا يفعلها، والقدوة الأول ﷺ قال الله ﷻ له: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ* قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا * نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا * أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا * إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 1- 5].
ومن مجالات القدوة: القدوة في الأعمال المنوطة به، وبالوظيفة التي يمارسها في حياتها، فإن كان مسؤولًا في وظيفة يبادر إلى إتقان عمله، وأدائه على الوجه المطلوب، وأن يحذر من الوقوع في زلل يؤخذ عليه، وإن كان تاجرًا يمارس البيع والشراء يتصف بصفات التاجر المسلم، صدوقًا في بيعه وشرائه، سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اكترى، غير مماطل ولا غشاش، ولا آكل أموال الناس بالباطل، ولا متعامل بالربا والحيل والتدليس، وهكذا.
ومن مجالات القدوة: القدوة في المنزل، فيكون الزوج الحاني والأب المثالي، والمربي الحصيف، فإذا رأت الزوجة زوجها، والأولاد آباءهم، والصغار أخاهم الأكبر، يرون المثال الحي الذي يمارس تعاليم الإسلام، مبتعدًا عن الكلمة النابية، والتصرف الفظِّ، والسلوك غير الحميد، ألفاظه طيبة، وعمله مستقيم، وأخلاقه حميدة، يعاشرهم بالمعروف، ويوجههم بحكمة، ويأخذ بأيديهم إلى الجادة المستقيمة، يأمر وينهى، يقول ويفعل ويلبي رغباتهم، دون انسياق لشهواتهم، يؤدبهم بالكلمة والنظرة وغيرهما.
ويكون عطوفًا في موضع العطف، شديدًا إذا احتاج الأمر إلى ذلك، غير بخيل ولا ممسك، ولا باسط يده كل البسط، يستغل الفرص في التوجيه القولي والفعلي، يكون قريبًا منهم، يمارس معهم هواياتهم بقدر يظهر اهتمامه بهم، يشجع محسنهم، ويوجه مسيئهم وهكذا.
ومن مجالات القدوة: في التعامل مع الناس، وهذا من أعظم المجالات، إذ هو مجال الداعية الذي يمارس دعوته فيهم، ويجمع ذلك كله الاقتداء برسول الله ﷺ في التعامل كما سبق في معالم القدوة.
ومن مجالات القدوة: القدوة في النظر إلى الدنيا والآخرة فيجعل الآخرة همه ومسعاه، ومناه وغايته، والدنيا وسيلة إلى تحقيق ذلك وهذا المجال شأنه عظيم إذ هو ميزان القدوات عند الناس فمن يراه الناس متعلقًا بالدنيا وزخارفها وزينتها بل إلى المباحات فيها، والإكثار منها، والغرق فيها، فهذه عوامل كلها تبعد الناس وتنفرهم، والله سبحانه وتعالى أعطى القاعدة الشرعية في التعامل مع هذه الدنيا ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77]، وقد تمثَّل القدوة الأول ﷺ هذا الأمر فظهر واضحًا جليًّا عليه حتى مات ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي، ولو ابتغى الدنيا كلها لحصل عليها. فيجب على القدوات أن تكون طموحاتهم واهتماماتهم كلها أخروية لرجاء ما عند الله سبحانه وتعالى.
ومن مجالات القدوة: القدوة في المظهر، مظهر الشخص، ومظهر سيارته ومنزله، فكما هو نظيف الباطن، طاهر القلب فكذلك هو في الظاهر، فينبئ ظاهره عن باطنه، والله نظيف يحب النظافة، وجميل يحب الجمال، كما ثبت ذلك عن رسول الله ﷺ، ومن صميم دعوة النبي ﷺ الدعوة إلى هذه الطهارة، ويكفي في الإشارة إلى أهمية ذلك أنَّ الكتاب الأول من أبواب الفقه، أبواب الطهارة، بل لا تصح العبادة بدونها.
وبعد: فأختم هذه المقالة السريعة بالإشارة إلى جملة نقاط أرى أهميتها وضرورة التنبه إليها:
الأولى: ليحذر الداعية من أن يقترف أمرًا يجرح به صفاته وسماته فلا يكون حينئذ قدوة، ومن ذلك على سبيل المثال:
- ضعف الإيمان.
- كثرة القول بدون فعل.
- حب الدنيا والتكالب عليها.
- الاهتمام الزائد بالمباحات فتأخذ جزءًا من همِّه، ووقتًا ليس باليسير من عمره.
- مخالفة القول للفعل.
- الكذب والغش والخداع.
- البخل والإمساك والشح.
- الحسد والبغض وملء القلب بذلك، وهذا من أعظم آفات القدوات.
- التعامل بالحرام.
- مخالفة الظاهر للباطن.
- الغلظة والجفاء والشدَّة.
- الانتصار للنفس والاعتداد بالرأي وهو مرض خفي يجب على القدوات أن ينتبهوا له غاية التنبه.
الثانية: أنَّ القدوة الذي تمثل معالم القدوة الصحيحة ينبغي أن يعلم أنه داعية إلى الله تعالى، ترفَّع عن دنايا الدنيا وسفاسفها فيعلو بنفسه، ويعاهدها، ويمرنها، ويدربها، ويجاهدها فهو قد سلك طريقًا عظيمًا، وابتغى هدفًا جليلًا، ويحيط ذلك كله بالدعاء لله سبحانه والتعلق به أن يعينه على ذلك، ثم بمواصلة العبادة له سبحانه والإكثار منها سرًّا وعلانية، ويختمها بالتوبة والندم حال الوقوع في الخطأ والزلل.
الثالثة: أنَّ القدوة الذي هذا شأنه وهذا طريقه أثره حميد كما يلي:
- فقد رقى بنفسه إلى مدارج السالكين القدوات الأبرار، فينال الدرجات العلا والذكر الحسن، وعلو المقام في الدنيا والآخرة.
- ثمَّ إنَّ تأثيره الذي يبتغيه على الناس حصل له فهو كالثوب الأبيض يراه الناس فيرون النصاعة والبياض فيعجبون به ويقلدونه ويحاكونه.
- ثمَّ إنَّ حسناته جارية إلى يوم القيامة فمن سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن دعا إلى هُدى كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجورهم شيء.
- ثُمَّ إنَّ وجود القدوة يفشي الأخلاق الحسنة، والسلوك القويم في المجتمع كله؛ إذ هو كالنور المشع الذي يشع بفضائله على الناس.
- وأخيرًا فهو الداعية الصامت الذي يدعو بفعله وسلوكه قبل كلمته وقوله.
وبعد: فهذا ما تيسر في هذه العجالة وأسأل الله تعالى أن يبارك في الجهد والعمل، وأن يتقبل الصواب من العمل، وأن يعفو عن الخطأ والزلل.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حديث ابن عمر رضي الله عنه في محظورات الإحرام
يقول البلاغيون: إنَّ لكل مقام مقالًا، ولكل حدث حديثًا، وهذا العدد من مجلة الإرشاد يصدر في أيام الحج، فالمقام الحج،...

حديث ومعنًى: كل عمل ابن آدم يضاعف
مجلة الإرشاد للحرس الوطني عدد رمضان 1423هـ. يصدر هذا العدد المبارك من مجلة الإرشاد في هذا الشهر المبارك، والمسلم يتطلع...

جهاد المرأة: حديث ومعنًى
حديثنا هذا العدد يدور حول جهاد المرأة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلتُ: يا رسول الله!...

حديث ومعنًى: فضائل تنفيس الكروب وآثارها
الحمد لله المنعم، والصلاة والسلام على النبي المعلِّم، صلَّى الله عليه وآله وسلم، وبعد: فهذه وقفات مع حديث «من نفَّس...

حديث ومعنًى: «حقوق المسلم الستة»
روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول:...